عن ذنبه فإذا فعلا ذلك استلقى على قفاه ومد يديه وقال فزت ، فرحم الله امرئ ألف بين وليين لنا ، يا معشر المؤمنين تآلفوا وتعاطفوا (١).
وعن جابر الجعفي عنه أنه قال : إذا أردت أن تعلم أن فيك خيرا ، فانظر إلى قلبك فإذا كان يحب أهل طاعة الله ويبغض أهل معصيته ففيك خير ، والله يحبك ، وإذا كان يبغض أهل طاعة الله ويحب أهل معصيته فليس فيك خير والله يبغضك ، والمرء مع من أحب (٢).
ذكر ابن الجوزي في سبب نزول الآية المتقدمة عدة أقوال كلها تتكلم على غنائم بدر ، وبعد أن عرج على قوله تعالى : (.. فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ)(٣) قال : في المراد في الكلام قولان : أحدهما : أن يرد القوي على الضعيف ، قاله عطاء. والثاني : ترك المنازعة تسليما لله تعالى ورسوله (صلىاللهعليهوآله) (٤).
وقال القرطبي : قوله تعالى : (... فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ ...) أمر بالتقوى والإصلاح ، أي : كونوا مجتمعين على أمر الله في الدعاء : اللهم اصلح ذات البين ، أي الحالة التي يقع فيها الاجتماع ... واتقوا الله في أقوالكم وأفعالكم (٥).
ولا يفوتني هنا أن أسجل بعض عبارات سيد قطب في المقام ، يقول : ولقد أخذهم الله سبحانه بالتربية الإلهية قولا وعملا ، نزع أمر الأنفال كله منهم ورده إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآله) حتى أنزل حكمه في قسمة الغنائم بجملتها ، فلم يعد الأمر حقا لهم يتنازعون عليه ، إنما أصبح فضلا من الله عليهم ، يقسمه رسول الله بينهم كما علمه ربه ... وإلى جانب الإجراء التربوي كان التوجيه المستطرد الطويل (٦).
فالإمام الباقر (عليهالسلام) هنا ـ كما هو شأن كل من القرطبي وسيد قطب ـ لم يجعل الآية القرآنية منحصرة في معناها بسبب نزولها وما حصل بين المسلمين في
__________________
(١) قلائد الدرر الشيخ الجزائري ، ٢ / ٢٩٩.
(٢) علل الشرائع ، الشيخ الصدوق ، ١١٧ ـ الوافي ، الفيض الكاشاني ، ٣ / ٩٠.
(٣) الأنفال / ١.
(٤) زاد المسير ، ابن الجوزي ، ٣ / ٣٢٠.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٧ / ٣٦٤.
(٦) في ظلال القرآن ، سيد قطب ، ٩ / ٢٣٤.