ثالثا : وصيته للخليفة عمر بن عبد العزيز
أما وصاياه المتعلقة بسياسة الملك ، فهذه وصيته للخليفة عمر بن العزيز حينما طلب من الإمام أن يوصيه بما ينتفع منه في سياسة دولة الإسلام عند ما ولي الخلافة بعد أن أرسل إليه في جملة من أرسل إليهم ، فقال له الإمام أبو جعفر الباقر : أوصيك بتقوى الله ، وأن تتخذ صغير المسلمين ولدا ، وأوسطهم أخا ، وكبيرهم أبا ، فارحم ولدك ، وصل أخاك ، وإذا صنعت معروفا فربه.
فأعجب الخليفة عمر بن عبد العزيز بهذه الوصية الجامعة وراح يبدي إعجابه قائلا : جمعت والله ما أن أخذنا به ، وأعاننا الله عليه استقام لنا الخير إن شاء الله (١).
احتوت هذه الوصية جملة من الأمور منها : يجب على الخليفة أن لا يغتر بملك ولا يؤخذ بإقبال الدنيا عليه فإن أهم من ذلك كله تقوى الله ، وأن يسوس رعيته بسياسة العدل والإنصاف باتخاذ أبناء المسلمين أبناء له لا ينفكون عنه بل هم من أفراد أسرته ، وكذلك صلة الرحم بصلة إخوانه المسلمين فإذا كان الخليفة كذلك يسعد هو ويسعد معه المسلمون ، وتكون مدة حكمه خالية من الاضطرابات والفتن ، ويكون قد حقق أهم ما نادى به الإسلام للوهلة الأولى من العدالة والمساواة.
رابعا : وصيته لسفيان الثوري
وقد حكى الإمام الصادق (عليهالسلام) إحدى وصايا أبيه لسفيان الثوري عند ما أراد منه الأخير أن يوصيه فقال : يا سفيان ، أمرني أبي بثلاث ، ونهاني عن ثلاث ، فكان فيما قال لي : من يصحب صاحب السوء لا يسلم ، ومن يدخل مداخل السوء يتهم ، ومن لا يملك لسانه يندم ، ثم انشد لي :
عود لسانك قول الخير تحظ به |
|
أن اللسان لما عودت يعتاد |
موكل بتقاضي ما سننت له |
|
في الخير والشر فانظر كيف تعتاد (٢) |
__________________
(١) مخطوطة تاريخ دمشق ، ابن عساكر ، ج ٥١ / الورقة ٣٨+ تاريخ اليعقوبي ، اليعقوبي ، ٥ / ٧٤.
(٢) الخصال ، الشيخ الصدوق ، ١٥٧.