فتلك هي إمامة العلم ورئاسته ، فاستحق بهذا الإمام الباقر (عليهالسلام) أن يكون مقصد أئمة الفقه والحديث ، فما زار أحد منهم المدينة إلا عرج على بيت محمد الباقر (عليهالسلام) يأخذ عنه (١).
منهم سفيان الثوري وسفيان بن عيينة محدث مكة وأبو حنيفة فقيه العراق.
وكان الإمام الباقر (عليهالسلام) يرشد كل من يجيء إليه ويبين له الحق الذي لا عوج فيه ، فمثلا جرت مناقشة بينه وبين أبي حنيفة ، وكان أبو حنيفة قد اشتهر بالقياس في الفقه حتى تناولته الألسن في الملام وإليك بعض ما جرى بينهم :
قال الإمام الباقر : أنت الذي حولت دين جدي وأحاديثه بالقياس؟
قال أبو حنيفة : اجلس مكانك كما يحق لي ، فإن لك عندي حرمة كحرمة جدك (صلىاللهعليهوآله) في حياته على أصحابه. فجلس ، ثم جثا أبو حنيفة بين يديه ثم قال : إني سائلك عن ثلاث كلمات فأجبني الرجل أضعف أم المرأة؟
قال الإمام الباقر : المرأة أضعف.
قال أبو حنيفة : كم سهم المرأة في الميراث؟
قال الإمام الباقر : للرجل سهمان وللمرأة سهم.
قال أبو حنيفة : هذا علم جدك ، ولو حولت دين جدك لكان ينبغي في القياس أن يكون للرجل سهم وللمرأة سهمان ، لأن المرأة أضعف من الرجل ، ثم الصلاة أفضل أم الصوم؟
قال الإمام الباقر : الصلاة أفضل.
قال أبو حنيفة : هذا قول جدك ، ولو حولت قول جدك لكان أن المرأة إذا طهرت من الحيض أمرتها أن تقضي الصلاة ولا تقضي الصوم ، ثم البول أنجس أم النطفة؟
قال الإمام الباقر : البول أنجس.
__________________
(١) الإمام الصادق ، محمد أبو زهرة ، ٢٢.