جعفر محمد بن علي وبعده ابنه أبو عبد الله الصادق وقد أمليا فيه على جماعة من تلامذتهما قواعده ومسائله (١).
والحق أن تلك الاملاءات لم تصل إلينا ولكن المتأخرين من علماء الإمامية لملموا أشتاتها ورتبوها على مباحثه على شكل روايات موثقة ، مسندة متصلة الإسناد بأئمة آل البيت.
وفيما يلي بعض القواعد الأصولية التي أثرت عن الإمام الباقر (عليهالسلام) وشارك في تأسيسها أو نقلها عن آبائه الطاهرين والتي يرجع إليه الفقهاء عند عدم النص على الحكم الشرعي ، وإن كان الكثير منها قواعد فقهية غير أن علماء الأصول ذكروها في مؤلفاتهم توضيحا لبعض قواعد هذا العلم.
أولا : الاستصحاب
يعد الاستصحاب أحد الأصول الأربعة التي يرجع إليها الشاك في مقام ، وهو في اللغة بمعنى طلب الصحبة ، والصحبة بمعنى المعاشرة يقال : استصحبه ، أي دعاه إلى الصحبة ، وهو يفيد أيضا معنى الملازمة يقال : استصحبه أي لازمه (٢) ، ويقال : استصحبت في سفر الكتاب أو الرفيق ، أي جعلته مصاحبا لي (٣).
وفي مصطلح الأصوليين عرف الاستصحاب بتعريفات كثيرة ، نشأت كثرتها من محاولة بعضهم تعريف الاستصحاب وفق مبناه في اعتباره أمارة كاشفة عن الواقع ، أو اعتباره أصلا عمليا ، دون أن يكون له دور الكشف عن الواقع (٤). ولذلك كله فقد عرف بتعريفات كثيرة (٥) ، أهمها ـ نسبيا ـ هو الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم شك في بقائه (٦).
__________________
(١) الشيعة وفنون الإسلام ، حسن الصدر ، ٩٥.
(٢) ظ : القاموس المحيط ، الفيروزآبادي ، ١ / ٩١+ لسان العرب ، ابن منظور ، ٢ / ٨.
(٣) مصادر التشريع الإسلامي ، عبد الوهاب خلاف ، ١٢٧.
(٤) مصباح الأصول ، محمد سرور البهبودي ، ٥ ـ ٦.
(٥) ظ : إرشاد الفحول ، الشوكاني ، ٢٠+ كشف الأسرار ، عبد العزيز البخاري ، ٣ / ٣٧٧+ أصول الفقه ، الشيخ المظفر ، ٣ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨+ مفتاح الوصول ، أحمد البهادلي ، ١ / ٢١٧.
(٦) كفاية الأصول ، الخراساني ، ٢ / ٢٧٣.