وقد اختلف العلماء في حجيته على أقوال ، هي عند ـ الإمامية ـ فقط بلغت حدا يصعب حصره ، فكيف لو أضفنا إليها أقوال غيرهم (١) ، ولذلك سأقتصر على ذكر ثلاثة أقوال فقط :
١ ـ وهو القول بحجية الاستصحاب مطلقا ، أي التمسك في حالة الشك ببقاء ما يتعلق به اليقين ، وقد ذهب إلى هذا الرأي ـ كما يقول ابن الحاجب ـ أكثر العلماء ، ومنهم المالكية والحنابلة والشافعية (٢).
كما ذهب إليه ـ كما يقول صاحب المعالم ـ أكثر الإمامية (٣).
وذهب إليه أيضا ـ فيما يقول أبو الحسين البصري ـ قوم من أهل الظاهر وغيرهم (٤) ، وقد صرح بذلك منهم ابن حزم الأندلسي (٥).
٢ ـ عدم حجية الاستصحاب مطلقا ، وينسب هذا الرأي إلى أكثر الحنفية والمتكلمين (٦) ، وقد صرح به أبو الحسين البصري (٧) ، كما نسب إلى السيد المرتضى من الإمامية (٨).
٣ ـ إن الاستصحاب حجة دافعة لا حجة ثابتة ، أي إنه حجة لدفع ما يخالف الأمر الثابت بالاستصحاب ، وليس هو حجة على إثبات أمر لم يقم دليل على ثبوته ، وهذا التفصيل منسوب لأكثر المتأخرين من علماء الحنفية (٩).
وقد استدل أصحاب كل قول إلى ما ذهبوا إليه بأدلة يرى كل منهم بأنها وجيهة في معناها صحيحة في مبناها ، غير إننا لا نذكرها ، بل الذي يهمنا أن نذكر مشاركة الإمام الباقر (عليهالسلام) فيما ورد عنهم في تدعيم أدلة أصحاب القول الأول
__________________
(١) ظ : أصول الفقه ، الشيخ المظفر ، ٣ / ٤.
(٢) ظ : شرح المختصر ، القاضي العضد الإيجي ، ٢ / ٢٨٤+ إرشاد الفحول ، الشوكاني ، ٢٢.
(٣) معالم الدين ، ابن الشهيد الثاني ، ١٨.
(٤) المعتمد ، أبو الحسين المعتزلي ، ١ / ٨٨٤.
(٥) الأحكام في أصول الأحكام ، ابن حزم ، ٥ / ٢.
(٦) الأحكام في أصول الأحكام ، الآمدي ، ٣ / ١٨١+ إرشاد الفحول ، الشوكاني ، ٢٣٧.
(٧) المعتمد ، أبو الحسين البصري ، ١ / ٨٨٤ ـ ٨٨٥.
(٨) معالم الدين ، ابن الشهيد الثاني ، ٢١٨.
(٩) ظ : سلم الوصول ، الشيخ عمر عبد الله ، ٣٠٧+ كشف الأسرار ، عبد العزيز البخاري ، ٣ / ٣٧٨+ التلويح على التوضيح ، التفتازاني ، ٢ / ١٠٢.