الجواب :
أولا : أنا قد أوضحنا للقارئ حال الآيات المقترحة في جواب الاستدلال المتقدم. ولا شك في أن هذه المعجزات التي طلبها المشركون من النبي آيات مقترحة ، وأن هؤلاء المشركين في مقام العناد للحق. ويدلنا على ذلك أمران :
١ ـ أنهم قد جعلوا تصديقهم بالنبي موقوفا على أحد هذه الأمور التي اقترحوها ، ولو كانوا غير معاندين للحق لاكتفوا بكل آية تدل على صدقه ، ولم تكن لهذه الأمور التي اقترحوها خصوصية على ما سواها من الآيات.
٢ ـ قولهم : «أو ترقى في السّماء ولن نؤمن لرقيّك حتى تنزّل علينا كتابا نقرؤه» وأي معنى لهذا التقييد بإنزال الكتاب أفليس الرقي الى السماء وحده آية كافية في الدلالة على صدقه؟ أو ليست في هذه التشهيات الباردة دلالة واضحة على عنادهم للحق. وتمردهم عليه؟!!.
ثانيا : إن هذه الأمور التي اقترحها المشركون في الآيات المتقدمة منها ما يستحيل وجوده ، ومنها ما لا يدل على صدق دعوى النبوة. فلو وجب على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يجيب المقترحين الى ما يطلبونه ، فليس هذا النوع من الأمور المقترحة مما تجب إجابته.
وإيضاح هذا : أن الأمور المقترحة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المذكورة في هذه الآيات ستة : ثلاثة منها مستحيلة الوقوع ، وثلاثة منها غير مستحيلة ، ولكنها لا تدل على صدق المدعي للنبوة (١). فالثلاثة المستحيلة :
__________________
(١) انظر الحديث الكامل ـ الذي يقص محاورة قريش مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في فرض هذه الأمور المستحيلة عليه ، محاولة تعجيزه وتبكيته ـ في قسم التعليقات برقم (٦).