أولها : سقوط السماء عليهم كسفا. فان هذا يلازم خراب الأرض ، وهلاك أهلها ، وهو إنما يكون في آخر الدنيا. وقد أخبرهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك ، ويدل عليه قولهم : «كما زعمت» وقد ذكر هذا في مواضع عديدة من القرآن الكريم منها قوله تعالى :
(إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) ٨٤ : ١. (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ) ٨٢ : ١. (إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ) ٣٤ : ٩.
وإنما كان ذلك مستحيلا لأن وقوعه قبل وقته خلاف ما تقتضيه الحكمة الإلهية من بقاء الخلق ، وإرشادهم إلى كمالهم. ويستحيل على الحكيم أن يجري في أعماله على خلاف ما تقتضيه حكمته.
ثانيها : أن يأتي بالله بأن يقابلوه ، وينظروا اليه. وذلك ممتنع لأن الله لا تدركه الأبصار ، وإلا لكان محدودا في جهة ، وكان له لون وله صورة. وجميع ذلك مستحيل عليه تعالى.
ثالثها : تنزيل كتاب من الله. ووجه استحالة ذلك أنهم أرادوا تنزيل كتاب كتبه الله بيده ، لا مجرد تنزيل كتاب ما ، وإن كان تنزيله بطريق الخلق والإيجاد ، لأنهم لو أرادوا تنزيل كتاب من الله بأي طريق اتفق لم يكن وجه معقول لطلبهم إنزاله من السماء ، وكان في الكتاب الأرضي ما في الكتاب السماوي من الفائدة والغرض ، ولا شك ان هذا الذي طلبوه مستحيل لأنه يستلزم أن يكون الله جسما ذا جارحة. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وأما الأمور الثلاثة الاخرى فهي وإن كانت غير مستحيلة ، لكنها لا تدل على صدق دعوى النبوة. فإن فجر الينبوع من الأرض ، أو كون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مالكا لجنة من نخيل وعنب مفجرة الأنهار. أو كونه يملك بيتا من زخرف ، امور لا ترتبط