بدعوى النبوة ، وكثيرا ما يتحقق أحدها لبعض الناس ثم لا يكون نبيا. بل فيهم من يتحقق له جميع هذه الأمور الثلاثة ، ثم لا يحتمل فيه أن يكون مؤمنا ، فضلا عن أن يكون نبيا ، وإذا لم ترتبط هذه الأمور بدعوى النبوة ، ولم تدل على صدقها كان الإتيان بها في مقام الاحتجاج عبثا ، لا يصدر من نبي حكيم.
وقد يتوهم متوهم أن هذه الأمور الثلاثة لا تدل على صدق النبوة ، إذا وجدت من أسباب عادية مألوفة. أما إذا وجدت بأسباب غير عادية فلا ريب أنها تكون آيات إلهية ، وتدل على صدق النبوة.
الجواب :
إن هذا في نفسه صحيح ، ولكن مطلوب المشركين أن تصدر هذه الأشياء ولو من أسبابها العادية ، لأنهم استبعدوا أن يكون الرسول الإلهي فقيرا لا يملك شيئا.
(وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) «٤٣ : ٣١».
فطلبوا من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكون ذا مال كثير. ويدلنا على ذلك أنهم قيدوا طلبهم بأن تكون الجنة والبيت من الزخرف للنبي دون غيره ، ولو أرادوا صدور هذه الأمور على وجه الإعجاز لم يكن لهذا التقييد وجه صحيح ، بل ولا وجه لطلب الجنة أو البيت ، فإنه يكفي إيجاد حبة من عنب أو مثقال من ذهب.
وأما قولهم : «حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا» فلا يدل على أنهم يطلبون الينبوع لهم لا للنبي وإنما يدل على أنهم يطلبون منه فجر الينبوع لأجلهم ، وبين المعنيين فرق واضح. ولم يظهر النبي لهم عجزه عن الإتيان بالمعجزة كما توهمه هؤلاء القائلون. وإنما أظهر بقوله : «سبحان ربّي» أن الله تعالى منزّه عن العجز ، وأنه قادر على كل أمر ممكن ، وأنه منزّه عن الرؤية والمقابلة. وعن يحكم عليه بشيء من