التي تنسب لهؤلاء القرّاء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها ، وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من تلك السبعة ، وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف. ذكره ابن النحاس وغيره وهذه القراءات المشهورة هي اختيارات أولئك الأئمة القرّاء» (١).
وتعرض ابن الجزري لإبطال توهم من زعم أن الأحرف السبعة ، التي نزل بها القرآن مستمرة إلى اليوم. فقال :
وأنت ترى ما في هذا القول ، فإن القراءات المشهورة اليوم عن السبعة والعشرة ، والثلاثة عشر بالنسبة إلى ما كان مشهورا في الاعصار الاول ، قلّ من كثر ، ونزر من بحر ، فإن من له اطلاع على ذلك يعرف علمه العلم اليقين ، وذلك أن القرّاء الذين أخذوا عن أولئك الأئمة المتقدمين من السبعة ، وغيرهم كانوا أمما لا تحصى ، وطوائف لا تستقصى ، والذين أخذوا عنهم أيضا أكثر وهلم جرا. فلما كانت المائة الثالثة ، واتسع الخرق وقلّ الضّبط ، وكان علم الكتاب والسنّة أوفر ما كان في ذلك العصر ، تصدّى بعض الأئمة لضبط ما رواه من القراءات ، فكان أول إمام معتبر جمع القراءات في كتاب أبو عبيد القاسم بن سلام ، وجعلهم ـ فيما أحسب ـ خمسة وعشرين قارئا مع هؤلاء السبعة وتوفي سنة ٢٢٤ وكان بعده أحمد بن جبير بن محمد الكوفي نزيل أنطاكية ، جمع كتابا في قراءات الخمسة ، من كل مصر واحد. وتوفي سنة ٢٥٨ وكان بعده القاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي صاحب قالون ، ألّف كتابا في القراءات جمع فيه قراءة عشرين إماما ، منهم هؤلاء السبعة. توفي سنة ٢٨٢ وكان بعده الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، جمع كتابا سماه «الجامع» فيه نيف وعشرون قراءة.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١ / ٤٦.