البدع ، والمذاهب الفاسدة قد حرّفوا القرآن بتأويلهم آياته على آرائهم وأهوائهم.
وقد ورد المنع عن التحريف بهذا المعنى ، وذم فاعله في عدة من الروايات. منها :
رواية الكافي بإسناده عن الباقر عليهالسلام أنه كتب في رسالته إلى سعد الخير :
«وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه ، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية ، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية ...» (١).
الثاني : «النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات ، مع حفظ القرآن وعدم ضياعه ، وإن لم يكن متميزا في الخارج عن غيره».
والتحريف بهذا المعنى واقع في القرآن قطعا ، فقد أثبتنا لك فيما تقدم عدم تواتر القراءات ، ومعنى هذا أن القرآن المنزل إنما هو مطابق لإحدى القراءات ، وأما غيرها فهو إما زيادة في القرآن وإما نقيصة فيه.
الثالث : «النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين ، مع التحفظ على نفس القرآن المنزل».
والتحريف بهذا المعنى قد وقع في صدر الإسلام ، وفي زمان الصحابة قطعا ، ويدلنا على ذلك إجماع المسلمين على أن عثمان أحرق جملة من المصاحف وأمر ولاته بحرق كل مصحف غير ما جمعه ، وهذا يدل على أن هذه المصاحف كانت مخالفة لما جمعه ، وإلا لم يكن هناك سبب موجب لإحراقها ، وقد ضبط جماعة من العلماء موارد الاختلاف بين المصاحف ، منهم عبد الله بن أبي داود السجستاني ، وقد سمى كتابه هذا بكتاب المصاحف. وعلى ذلك فالتحريف واقع لا محالة إما من عثمان أو من كتّاب
__________________
(١) الكافي : ٨ / ٥٣ ، رقم الحديث : ١٦.