فهي بمعنى قوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) «٨٤ : ١٩» ، وبمعنى الحديث المأثور عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم «لتركبن سنن من قبلكم». (١)
أما قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من تركه من جبار قصمه الله» فلعل فيه ضمانا بحفظ القرآن عن تلاعب الجبارين ، بحيث يؤدي ذلك الى ترك تلاوته وترك العمل به ، والى جمعه من أيدي الناس كما صنع بالكتب الإلهية السابقة (٢) فتكون إشارة الى حفظ القرآن من التحريف. وسنبحث عنه مفصلا. وهذا أيضا هو معنى قوله في الحديث : «لا تزيغ به الأهواء» بمعنى لا تغيره عما هو عليه ، لأن معاني القرآن قد زاغت بها الأهواء فغيرتها. وسنبين ذلك مفصلا عند تفسير الآيات إن شاء الله تعالى.
وأشار الحديث إلى أن الامة لو رجعوا الى القرآن في خصوماتهم ، وما يلتبس عليهم في عقائدهم وأعمالهم لأوضح لهم السبيل. ولوجدوه الحكم العدل ، والفاصل بين الحق والباطل.
نعم ، لو أقامت الأمة حدود القرآن ، واتبعت مواقع إشاراته وإرشاداته ، لعرفت الحق أهله ، وعرفت حق العترة الطاهرة الذين جعلهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قرناء الكتاب ، وأنهم الخليفة الثانية على الامة من بعده (٣) ولو استضاءت الامة بأنوار معارف القرآن ، لأمنت العذاب الواصب ، ولما تردّت في العمى ، ولا غشيتهم حنادس الضلال ، ولا عال سهم من فرائض الله ، ولا زلّت قدم عن الصراط السويّ ، ولكنها أبت إلا الانقلاب على الأعقاب ، واتباع الأهواء ، والانضواء الى راية الباطل حتى آل
__________________
(١) ورد هذا اللفظ في كنز العمال : ٦ / ٤٠ ، من حديث سهل بن سعد وفى صحيح البخاري : كتاب أحاديث الأنبياء الحديث : ٣١٩٧ ، «لتتبعنّ سنن ...». انظر بقية المصادر في قسم التعليقات رقم (٣).
(٢) راجع «الهدى الى دين المصطفى» : ١ / ٣٤ ، لآية الله الحجة الشيخ محمد جواد البلاغي.
(٣) تقدم مصادر حديث الثقلين في ص ١٨ ، وفي بعض نصوصه تصريح بأن القرآن والعترة خليفتا الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. (المؤلف).