٣ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) «٢ : ١٧٨».
فقد ادعي انها منسوخة بقوله تعالى :
(وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِ) «٥ : ٤٥».
ومن أجل ذلك ذهب الجمهور من أهل السنة إلى أن الرجل يقتل بالمرأة من غير أن يردّ إلى ورثته شيء من الدية (١) ، وخالف في ذلك الحسن وعطاء ، فذهبا إلى أن الرجل لا يقتل بالمرأة. وقال الليث : إذا قتل الرجل امرأته لا يقتل بها خاصة (٢) وذهبت الامامية إلى أن وليّ دم المرأة مخير بين المطالبة بديتها ، ومطالبة الرجل القاتل بالقصاص ، بشرط أداء نصف دية الرجل.
والمشهور بين أهل السنة : أن الحر لا يقتل بالعبد ، وعليه إجماع الإمامية ، وخالفهم في ذلك أبو حنيفة ، والثوري ، وابن أبي ليلى ، وداود ، فقالوا : إن الحر يقتل بعبد غيره (٣) ، وذهب شواذ منهم إلى أن الحر يقتل بالعبد وإن كان عبد نفسه (٤).
والحق : أن الآية الأولى محكمة ولم يرد عليها ناسخ ، والوجه في ذلك : أن الآية الثانية مطلقة من حيث العبد ، والحر ، والذكر ، والأنثى فلا صراحة لها في حكم العبد ، وحكم الأنثى. وعلى كل فإن لم تكن الآية في مقام البيان من حيث خصوصية
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٢ / ٢٢٩.
(٢) تفسير ابن كثير : ١ / ٢١٠.
(٣) نفس المصدر ص ٢٠٩. وقال ابن كثير : قال البخاري وعلي بن المديني ، وإبراهيم النخعي ، والثوري في رواية عنه : ويقتل السيد بعبده.
(٤) أحكام القرآن للجصاص : ١ / ١٣٧.