على أن القرآن لا ينسخ بخبر الواحد. وقد اتضح مما بيّناه أن قوله تعالى :
(وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) «١٧ : ٣٣».
وقوله تعالى :
(وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ) «٢ : ١٧٩».
لا يصلحان أن يكونا ناسخين للآية المتقدمة التي فرّقت بين الرجل والأنثى ، وبين الحر والعبد. ـ وسيأتي استيفاء البحث في هذا الموضوع عند تفسيرنا الآية الكريمة إن شاء الله تعالى ـ.
٤ ـ (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) «٢ : ١٨٠».
فقد ادّعى جمع أنها منسوخة بآية المواريث ، وادّعى آخرون أنها منسوخة بما عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : «لا وصية لوارث» (١).
والحق : أن الآية ليست منسوخة. أما القول بنسخها بآية المواريث ، فيردّه أن الآيات قد دلّت على أن الميراث مترتب على عدم الوصية ، وعدم الدين. ومع ذلك فكيف يعقل كونها ناسخة لحكم الوصية؟ وقد قيل في وجه النسخ للآية : إن الميراث في أول الإسلام لم يكن ثابتا على الكيفية التي جعلت في الشريعة بعد ذلك ، وإنما كان الإرث يدفع جميعه للولد ، وما يعطى الولدان من المال فهو بطريق الوصية فنسخ ذلك بآية المواريث.
__________________
(١) الناسخ والمنسوخ للنحاس : ص ٢٠.