ثم إن الروايات التي استند إليها القائل بالنسخ على طوائف.
منها : ما ينتهي سنده إلى الربيع بن سبرة ، عن أبيه ، وهي كثيرة ، وقد صرح في بعضها بأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قام بين الركن والمقام ، أو بين الباب والمقام ، وأعلن تحريم نكاح المتعة إلى يوم القيامة. (١)
ومنها : ما روي عن علي عليهالسلام أنه روى تحريمها عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومنها : ما روي عن سلمة بن الأكوع.
أما ما ينتهي سنده إلى سبرة ، فهو وإن كثرت طرقه إلا أنه خبر رجل واحد «سبرة» وخبر الواحد لا يثبت به النسخ. على أن مضمون بعض هذه الروايات يشهد بكذبها ، إذ كيف يعقل أن يقوم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خطيبا بين الركن والمقام ، أو بين الباب والمقام ، ويعلن تحريم شىء إلى يوم القيامة بجمع حاشد من المسلمين ، ثم لا يسمعه غير سبرة ، أو أنه لا ينقله أحد من ألوف المسلمين سواه ، فأين كان المهاجرون والأنصار الذين كانوا يلتقطون كل شاردة وواردة من أقوال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأفعاله؟ وأين كانت الرواة الذين كانوا يهتمون بحفظ إشارات يد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولحظات عينيه ، ليشاركوا سبرة في رواية تحريم المتعة إلى يوم القيامة؟ ثم أين كان عمر نفسه عن هذا الحديث ليستغني به عن إسناد التحريم إلى نفسه؟!. أضف إلى ذلك أن روايات سبرة متعارضة ، يكذب بعضها بعضا ، ففي بعضها أن التحريم كان في عام الفتح (٢) وفي بعضها أنه كان في حجة الوداع (٣) وعلى الجملة إن رواية سبرة هذه في تحريم المتعة لا يمكن الأخذ بها من جهات شتى.
__________________
(١) صحيح مسلم : ٤ / ١٣٣ ، كتاب النكاح ، رقم الحديث : ٢٥٠٢ ، ٢٥٠٣ و ٢٥٠٩.
(٢) صحيح مسلم : ٤ / ١٣٣ ، كتاب النكاح ، رقم الحديث : ٢٥٠٢ ، ٢٥٠٣ و ٢٥٠٩.
(٣) سنن ابن ماجة كتاب النكاح ، رقم الحديث : ١٩٥٢.