«لو لا ما سبق من رأي عمر بن الخطاب لأمرت بالمتعة ، ثم ما زنى إلا شقي» (١).
وفي هاتين الروايتين وجوه من الدلالة على أن التحريم إنما كان من عمر :
الأول : شهادة الصحابي ، وشهادة علي عليهالسلام على أن تحريم المتعة لم يكن في زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا بعده إلى أن حرّمها عمر برأيه.
الثاني : شهادة العدول عن المتعة في الرواية الأولى ، مع عدم نهيهم عنها تدل على أنهم كانوا يجوّزونها.
الثالث : تقرير عمر دعوى الشامي أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم ينه عنها.
الرابع : قول عمر للشامي : «لو كنت تقدمت في نهي لرجمتك» فإنه صريح في أن عمر لم يتقدم بالنهي قبل هذه القصة ، ومعنى ذلك : أن عمر قد اعترف بأن المتعة لم ينه عنها قبل ذلك.
الخامس : قول عمر : «بينوا حتى يعرف النكاح من السفاح» فإنه يدل على أن المتعة كانت شايعة بين المسلمين ، فأراد أن يبلغ نهيه عن المتعة إليهم لينتهوا عنها بعد ذلك ، ولعل لهذه القصة دخلا مباشرا أو غير مباشر في تحريم عمر للمتعة ، فإن إنكاره على الشامي عمله هذا مع شهادة الحديث بأن التمتع كان أمرا شايعا بين المسلمين ووصول الخبر اليه ، مع أن هذه الأشياء لا يصل خبرها إلى السلطان عادة ، كل هذا يدلنا على أن في الأمر سرا جهلته الرواة ، أو أنهم أغفلوه فلم يصل إلينا خبره. ويضاف إلى ذلك أن رواية سلمة بن الأكوع ليس فيها ظهور في أن النهي كان من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فمن المحتمل ان لفظ «نهى» في الرواية بصيغة المبني للمفعول
__________________
(١) كنز العمال : ٨ / ٢٩٤.