وقال الآمدي : اختلفوا في أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هل كان متعبدا بالاجتهاد فيما لا نص فيه؟ فقال أحمد بن حنبل ، والقاضي أبو يوسف : «إنه كان متعبدا به» وجوّز الشافعي في رسالته ذلك من غير قطع ، وبه قال بعض أصحاب الشافعي والقاضي عبد الجبار ، وأبو الحسين البصري ، ثم قال : «والمختار جواز ذلك عقلا ووقوعه سمعا» (١).
وقال فيه أيضا : القائلون بجواز الاجتهاد للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم اختلفوا في جواز الخطأ عليه في اجتهاده ، فذهب بعض أصحابنا إلى المنع من ذلك ، وذهب أكثر أصحابنا ، والحنابلة ، وأصحاب الحديث ، والجبائي ، وجماعة من المعتزلة الى جوازه ، لكن بشرط أن لا يقرّ عليه وهو المختار (٢).
وحاصل ما تقدم : أن آية التمتع لا ناسخ لها ، وأن تحريم عمر ، وموافقة جمع من الصحابة له على رأيه طوعا أو كرها إنما كان اجتهادا في مقابل النص ، وقد اعترف بذلك جماعة ، وأنه لا دليل على تحريم المتعة غير نهي عمر ، إلا أنهم رأوا أن اتباع سنة الخلفاء كاتباع سنة النبي (٣).
وعلى أيّ فما أجود ما قاله عبد الله بن عمر : «أرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحق أن تتّبع سنته أم سنة عمر» ، وما أحق ما قاله الشيخ محمد عبده في تفسير قوله تعالى : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ)(٤).
__________________
(١) الاحكام في اصول الأحكام : ٤ / ٢٢٢.
(٢) نفس المصدر : ص ٢٩٠.
(٣) هامش المنتقى للفقي : ٢ / ٥١٩.
(٤) انظر التعليقة رقم (٨) في قسم التعليقات رأي ابن عبده في الطلاق الثلاث.