١٤ ـ (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) «٤ : ٣٣».
قد اختلفت الآراء في مدلول الآية المباركة :
فمنهم من حمل ذيل الآية المباركة «والذين عقدت أيمانكم» على بيان حكم مستقل عن سابقه ، فجعله جملة مستأنفة ، وفسّر كلمة «نصيبهم» بالنصر ، والنصح والرفادة ، والعون ، والعقل ، والمشورة ، وعلى ذلك : فالآية محكمة غير منسوخة ، وهذا القول منسوب إلى ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير (١) ، ومنهم من جعله معطوفا على ما قبله ، وفسر كلمة «نصيبهم» بما يستحقه الوارث من التركة.
ثم إن هؤلاء قد اختلفوا : فذهب بعضهم إلى أن المراد بعقد اليمين في الآية المباركة عقد المؤاخاة ، وما يشبهه من العقود التي كانت يتوارث بسببها في الجاهلية ، وقد أقر الإسلام ذلك إلى أن نزلت آية المواريث :
(وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) «٨ : ٧٥».
وعلى ذلك فالآية منسوخة (٢).
وذهب بعضهم إلى أن المراد بعقد اليمين خصوص عقد ضمان الجريرة وعلى ذلك فإن قلنا بما ذهب اليه أكثر علماء أهل السنة من أنه لا إرث بعقد ضمان الجريرة كانت الآية منسوخة أيضا بآية المواريث (٣) ، وإن قلنا بما ذهب اليه أبو حنيفة وأصحابه من ثبوت الإرث بهذا العقد كانت الآية محكمة غير منسوخة.
__________________
(١) الناسخ والمنسوخ للنحاس : ص ١٠٧.
(٢) نفس المصدر : ص ١٠٩.
(٣) تفسير ابن كثير : ١ / ٤٩٠.