وقد استدلوا على ذلك بأن آية المواريث لم تنف إرث غير اولي الأرحام ، وإنما قدّمهم على غيرهم ، فلا تنافي بين الآيتين ، لتكون آية المواريث ناسخة لهذه الآية (١).
والحق : إن المراد بالآية ما هو ظاهرها الذي يفهم منها ، وهو ثبوت الإرث بالمعاقدة ، ومع ذلك فلا نسخ لمدلول الآية.
وبيان ذلك : إن سياق الآية يقتضي أن يكون المراد بالنصيب المذكور فيها هو الإرث ، وحمله على النصرة وما يشبهها خلاف ظاهرها ، بل كاد يكون صريحها.
ثم إن ذكر الطوائف الثلاث في الآية لا يدل على اشتراكهم وتساويهم في الطبقة ، فإن الولد يرث أبويه ولا يرث معه أحد من أقرباء الميث من أولي أرحامه فالذي يستفاد من الآية الكريمة أن الموروث هو هذه الطوائف الثلاث ، وأما ترتيب الإرث وتقدم بعض الوارث على بعض فلا يستفاد من الآية ، وقد استفيد ذلك من الأدلة الأخرى في الكتاب والسنّة.
وعلى هذا الذي ذكرناه تكون الآية الكريمة جامعة لجميع الورّاث على الإجمال ، فالولد يرث ما تركه الوالدان ، والأقربون من اولي الأرحام يرث بعضهم بعضا ، ومن عقد معه يرث في الجملة تشريكا أو ترتيبا.
وتفصيل ذلك :
إن الإرث من غير جهة الرحم لا بد له من تحقق عقد والتزام من العاقد بيمينه وقدرته ، وهو تارة يكون من جهة الزواج ، فكل من الزوجين يرث صاحبه بسبب عقد الزواج الذي تحقق بينهما ، وتارة يكون من جهة عقد البيعة والتبعية ويسمى
__________________
(١) أحكام القرآن للجصاص : ٢ / ١٨٥.