أشهر ليتخيروا إما الإسلام ، وإما الخروج عن بلاد المسلمين ، وعلى ذلك فلم يبق موضوع للاستجارة التي ذكرتها الآية.
٢ ـ مجيئهم إلى المسلمين ، وقد حصرت صدورهم عن القتال مع اعتزالهم ، والقائهم السلم إلى المسلمين بعد الردّة ، والمراد بإلقاء السلم إلقاء السلم إظهار الإسلام ، والإقرار بالشهادتين ، ويشهد لهذا قوله تعالى :
(وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) «٤ : ٩٤».
فالآية دالة على قبول المرتد الملي إذا أظهر التوبة والإسلام ، وانه لا يقتل بعد التوبة ، وقد استقر على هذا مذهب الإمامية : ولم ترد في القرآن آية تدل على وجوب قتل المرتد على الإطلاق ، لتكون ناسخة لذلك.
أما إذا أراد القائل بالنسخ : أن يتمسك في نسخ الآية بما دل على قتال المشرك والكافر ، فمن الواضح أن ذلك مشروط ببقاء موضوعه ، على ما هي القاعدة المتبعة في كل قضية حقيقة في الأحكام الشرعية وغيرها. نعم ورد الأمر بقتل المرتدّ على الإطلاق في بعض روايات أهل السنة ، فقد روى البخاري ، وأحمد ، والترمذي ، والنسائي ، وأبو داود السجستاني ، وابن ماجة ، عن ابن عباس ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «من بدّل دينه فاقتلوه» (١). إلا أنه لا خلاف بين المسلمين في أن هذا الحكم مقيد بعدم التوبة ، وإن وقع الخلاف بينهم في المدة التي يستتاب فيها ، وفي
__________________
(١) صحيح البخاري : كتاب الجهاد والسير ، رقم الحديث : ٢٧٩٤ ، و ٦٤١١. وسنن الترمذي : كتاب الحدود ، رقم الحديث : ١٣٧٨ ، وسنن النسائي : كتاب تحريم الدم ، رقم الحديث : ٣٩٩١ ، و ٣٩٩٢ ، ٣٩٩٣ و ٣٩٩٤ و ٣٩٩٥ و ٣٩٩٦ و ٣٩٩٧. وسنن أبي داود : كتاب الحدود ، رقم الحديث : ٣٧٨٧. وسنن ابن ماجة : كتاب الحدود ، رقم الحديث ٢٥٢٦. ومسند أحمد : مسند بني هاشم ، رقم الحديث : ١٧٧٥ و ٢٤٢٠ و ٢٤٢١ و ٢٨١٣ و ٢١٠٠٧ راجع المنتقى : ٢ / ٧٤٥.