بعض الروايات المتقدمة دلت على أن هذه السورة هي آخر ما نزل من القرآن ، وإن شيئا من آياتها لم ينسخ.
١٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) «٥ : ١٠٦».
وقد ذهبت الشيعة الإمامية إلى أن الآية محكمة ، فتجوز شهادة أهل الكتاب على المسلمين في السفر إذا كانت الشهادة على الوصية ، وإليه ذهب جمع من الصحابة والتابعين ، منهم : عبد الله بن قيس ، وابن عباس ، وشريح ، وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير ، وعبيدة ، ومحمد بن سيرين ، والشعبي ، ويحيى بن يعمر ، والسدي وقال به من الفقهاء : سفيان الثوري ومال إليه أبو عبيد لكثرة من قال به ، وذهب زيد بن أسلم ، ومالك بن أنس ، والشافعي ، وأبو حنيفة : إلى أن الآية منسوخة ، وأنه لا تجوز شهادة كافر بحال (١).
والتحقيق بطلان القول بالنسخ في الآية المباركة ، والدليل على ذلك وجوه :
١ ـ الروايات المستفيضة من الطريقين الدالة على نفوذ شهادة أهل الكتاب في الوصية ، إذا تعذرت شهادة المسلم. فمن هذه الروايات :
ما رواه الكليني ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام :
«في قول الله تعالى : (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) قال : إذا كان الرجل في أرض غربة ، لا يوجد فيها مسلم جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصية» (٢).
__________________
(١) الناسخ والمنسوخ للنحاس : ص ١٣٣ ، ١٣٤.
(٢) الكافي : ٧ / ٤ ، باب الإشهاد على الوصية ، رقم الحديث : ٣ و ٧ / ٣٩٨ ، رقم الحديث : ٦.