ووافقنا على سقوط القتل عن الأسير بعد الإثخان : الضحاك وعطاء ، وصرح الحسن بذلك وان الامام بالخيار إما أن يمنّ أو يفادي أو يسترق (١).
وعلى ما ذكرناه فلا نسخ في الآية الكريمة ، غاية الأمر ان القتل يختص بمورد ، ويختص عدم القتل بمورد آخر من غير فرق بين أن تكون آية السيف متقدمة في النزول على هذه الآية ، وبين أن تكون متأخرة عنها.
ومن الغريب : أن الشيخ الطوسي ـ في هذا المقام ـ نسب إلى أصحابنا أنهم رووا تخيير الإمام في الأسير بعد الإثخان بين القتل وبين ما ذكر من الأمور.
قال : «والذي رواه أصحابنا أن الأسير إن أخذ قبل انقضاء الحرب والقتال ـ بأن تكون الحرب قائمة ، والقتال باق ـ فالإمام مخير بين أن يقتلهم ، أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويتركهم حتى ينزفوا ، وليس له المنّ ولا الفداء ، وإن كان أخذ بعد وضع الحرب أوزارها وانقضاء الحرب والقتال كان ـ الإمام ـ مخيرا بين المنّ والمفاداة إما بالمال أو النفس ، وبين الاسترقاق ـ وضرب الرقاب ـ» (٢).
وتبعه على ذلك الطبرسي في تفسيره (٣). مع أنه لم ترد في ذلك رواية أصلا.
وقد نص الشيخ الطوسي بنفسه في كتاب المبسوط (٤) : «كل أسير يؤخذ بعد أن تضع الحرب أوزارها ، فإنه يكون الإمام مخيرا فيه بين أن يمنّ عليه فيطلقه ، وبين أن يسترقه وبين أن يفاديه ، وليس له قتله على ما رواه أصحابنا»
وقد ادّعى الإجماع والاخبار على ذلك : في المسألة السابعة عشرة من كتاب
__________________
(١) القرطبي : ١٦ / ٢٢٧ ، ٢٢٨ ، ونقله النحاس في الناسخ والمنسوخ عن عطاء ص ٢٢١.
(٢) تفسير التبيان : ٩ / ٢٩١ ، طبع النجف الأشرف.
(٣) تفسير مجمع البيان : ٩ / ١٢٦.
(٤) المبسوط : ٢ / ١٣ ، كتاب الجهاد ، فصل : أصناف الكفار وكيفية قتالهم.