الله إياه ـ بجميع عوالم الممكنات لا يحيط بما أحاط به علم الله المخزون الذي استأثر به لنفسه ، فإنه لا يعلم بمشيئة الله تعالى ـ لوجود شىء ـ أو عدم مشيئته إلا حيث يخبره الله تعالى به على نحو الحتم.
والقول بالبداء : يوجب انقطاع العبد الى الله وطلبه إجابة دعائه منه وكفاية مهماته ، وتوفيقه للطاعة ، وإبعاده عن المعصية ، فإن إنكار البداء والالتزام بأن ما جرى به قلم التقدير كائن لا محالة ـ دون استثناء ـ يلزمه يأس المعتقد بهذه العقيدة عن إجابة دعائه ، فإن ما يطلبه العبد من ربه إن كان قد جرى قلم التقدير بإنفاذه فهو كائن لا محالة ، ولا حاجة إلى الدعاء والتوسل ، وإن كان قد جرى القلم بخلافه لم يقع أبدا ، ولم ينفعه الدعاء ولا التضرع ، وإذا يئس العبد من إجابة دعائه ترك التضرع لخالقه ، حيث لا فائدة في ذلك ، وكذلك الحال في سائر العبادات والصدقات التي ورد عن المعصومين عليهمالسلام أنها تزيد في العمر أو في الرزق أو غير ذلك مما يطلبه العبد.
وهذا هو سر ما ورد في روايات كثيرة عن أهل البيت عليهمالسلام من الاهتمام بشأن البداء.
فقد روى الصدوق في كتاب «التوحيد» بإسناده ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهماالسلام قال :
«ما عبد الله عزوجل بشيء مثل [أفضل من] البداء» (١).
وروى بإسناده ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال :
«ما عظّم الله عزوجل بمثل البداء» (٢).
__________________
(١) التوحيد : ص ٣٣١ ـ ٣٣٣ باب ٥٤ ، البداء ، الحديث ١ و ٢. راجع الكافي : ١ / ١٤٦ ، الحديث : ١.
(٢) التوحيد : ص ٣٣١ ـ ٣٣٣ باب ٥٤ ، البداء ، الحديث ١ و ٢. راجع الكافي : ١ / ١٤٦ ، الحديث : ١.