وقلوبهم : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
ثم أشار تعالى إلى أحوال البشر بعد إرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، وإتمام الحجة عليهم ، وأنهم قد انقسموا إلى ثلاثة أقسام :
الأول : من شملته العناية الإلهية والنعم القدسية ، فاهتدى إلى الصراط المستقيم ، فسلكه إلى مقصده المطلوب وغايته القصوى ، ولم ينحرف عنه يمينا ولا شمالا.
الثاني : من ضل الطريق فانحرف يمنة ويسرة إلا أنه لم يعاند الحق ، وإن ضلّ عنه لتقصيره ، وزعم أن ما اتبعه هو الدين ، وما سلكه هو الصراط السوي.
الثالث : من دعاه حب المال والجاه إلى العناد فعاند الحق ونابذه ، سواء أعرف الحق ثم جحده أم لم يعرفه. ومثل هذا ـ في الحقيقة ـ قد عبد هواه ، كما أشار سبحانه اليه بقوله :
(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) «٤٥ : ٢٢».
وهذا الفريق أشد كفرا من سابقه ، فهو يستحق الغضب الإلهي بعناده زائدا على ما يستحقه بضلاله.
وبما أن البشر لا يخلو من حب الجاه والمال ، ولا يؤمن عليه من الوقوع في الضلال ، وغلبة الهوى ما لم تشمله الهداية الربانية ، كما أشير إلى هذا في قوله تعالى :
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) «٢٤ : ٢١».
لقّن الله عبيده أن يطلبوا منه الهداية ، وأن يقولوا : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (٦) (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فالعبد يطلب من ربه الهداية المختصة بالمؤمنين ، وقد قال تعالى :