الشيطان أن يقترب من أحدهم :
(وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ١٥ : ٣٩. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ* : ٤٠).
قال أمير المؤمنين وسيد الموحدين صلوات الله عليه : «ما عبدتك خوفا من نارك ، ولا طمعا في جنتك ، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك» (١).
وأما سائر العباد فتنحصر عبادتهم في أحد القسمين الأولين ، ولا يسعهم تحصيل هذه الغاية. وبذلك يظهر بطلان قول من أبطل العبادة إذا كانت ناشئة عن الطمع أو الخوف ، واعتبر في صحة العبادة أن تكون لله بما هو أهل للعبادة ووجه بطلان هذا القول : أن عامة البشر غير المعصومين لا يتمكنون من ذلك فكيف يمكن تكليفهم به! وهل هو إلا تكليف بما لا يطاق؟!
أضف إلى ذلك أن الآيتين الكريمتين المتقدمتين قد دلّتا على صحة العبادة إذا صدرت عن خوف أو طمع. فقد مدح الله سبحانه من يدعوه خوفا أو طمعا وذلك يقتضي محبوبية هذا العمل وأنه مما أمر به الله تعالى وأنه يكفي في مقام الامتثال. وقد ورد عن المعصومين عليهمالسلام ما يدل على صحة العبادة إذا كانت ناشئة من خوف أو طمع. (٢).
وقد أوضحنا ـ فيما تقدم ـ أن الآيات السابقة من هذه السورة قد حصرت الحمد في الله تعالى من جهة كماله الذاتي ، ومن جهة ربوبيته ورحمته ، ومن جهة سلطانه وقدرته ، فتكون فيها إشارة إلى مناشئ العبادة ودواعيها أيضا ، فالعبادة إما ناشئة من إدراك العابد كمال المعبود واستحقاقه العبادة بذاته وهي عبادة الأحرار ، وإما من
__________________
(١) مرآة العقول : ٢ / ١٠١ ، باب النية.
(٢) انظر التعليقة رقم (٢٤) للوقوف على أقسام الدوافع للعبادة ـ في قسم التعليقات.