أقول : يمكن أن يكون المراد من رواية أنس المتقدمة ـ التي استدلوا بها على أن البسملة ليست من القرآن ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن بعده لم يجهروا بالبسملة ، والقرينة على ذلك هذه الرواية الأخيرة ، ويؤيد هذا أن أنس قد عبر في الرواية المتقدمة بعدم سماعه القراءة ، بل وفي بعض روايات أنس قال : فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وفي بعضها قال : صلّى بنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلم يسمعنا قراءة بسم الله الرحمن الرحيم ... «سنن النسائي ـ باب ترك الجهر ببسم الله ـ الجزء ١ ص ١٤٤» وعليه فلا معارضة بين رواية أنس المتقدمة وما ذكرناه من الروايات الدالة على أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن بعده كانوا يقرءونها.
نعم ذكر في رواية واحدة : أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها «صحيح مسلم ـ باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة ـ الجزء ٢ ص ١٢» ، إلا أن في سند هذه الرواية الوليد بن مسلم القرشي ، وفي وثاقته كلام ، بل صرح غير واحد بكثرة خطئه ، أو تدليسه «راجع تهذيب التهذيب».
وأما رواية قتادة عن أنس : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين «الترمذي باب ما جاء في افتتاح القراءة بالحمد ـ الجزء ٢ ص ٤٥ ، وسنن أبي داود باب الجهر ببسم الله ـ الجزء ١ ص ١٢٥ وقريب منه ما رواه النسائي باب البداءة بفاتحة الكتاب الجزء ١ ص ١٤٣».
فهذه الرواية محمولة على أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن بعده كانوا يبدءون بقراءة فاتحة الكتاب ، وقد أطلق جملة : الحمد لله رب العالمين على سورة فاتحة الكتاب ووقع مثل ذلك في بعض الروايات المتقدمة ، وعلى ذلك حملها الشافعي أيضا.