٢٦ ـ (وَهُمْ) المشركون (يَنْهَوْنَ عَنْهُ) عن محمد (وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) لا يقربون من النبي (وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) أرادوا الكيد للإسلام ونبيه فدارت عليهم دائرة السوء.
٢٧ ـ (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) ويا هول ما رأوا (فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) وهل يرجى من رجعة العمر ما مضى في الحياة الدنيا؟ فكيف بالآخرة؟
٢٨ ـ (بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) لا ينجو في الآخرة إلا من كان صريحا واضحا في الدنيا ، وأوضح من هذه الآية على ذلك قوله تعالى : (قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) ـ ١١٩ المائدة». (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) وكم قرأنا وسمعنا عن مجرمين تابوا في غياهب السجن ، حتى إذا خرجوا عادوا إلى الحرام والآثام.
٢٩ ـ (وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) من أحمق الحمق أن نسرع إلى الحكم قبل أن نعرف الصواب من الخطأ ، ونستدل بترك هذه الدار على عدم الانتقال منها إلى دار ثانية.
٣٠ ـ (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) في الدار الثانية (قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِ) الذي حذّرتم من ضره وحره؟ (قالُوا بَلى وَرَبِّنا) بعد أن رأوا العذاب ، تقطعت بهم الأسباب.
٣١ ـ (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ) وفاز المؤمنون به العاملون له (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) فجأة (قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها) أي في الحياة الدنيا (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ) آثامهم (عَلى ظُهُورِهِمْ) أي ملازمة لهم ، والتعبير بالظهور لأن الأثقال تحمل على الظهر عادة.
٣٢ ـ (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) إلا لرجلين : رجل أذنب فتاب ، ورجل يسارع في الخيرات
____________________________________
الإعراب : المصدر المنسبك من (أَنْ يَفْقَهُوهُ) مفعول لأجله لجعلنا ، أي كراهية ان يفقهوه. و (إِذا) شرط متضمن معنى الظرف ، وهو متعلق ب (يَقُولُ). وجملة (يُجادِلُونَكَ) حال من الواو في (جاؤُكَ). و (إِنْ هذا) ان نافية بمعنى ما ، ومثلها ان يهلكون. و (لَوْ تَرى) جواب (لَوْ) محذوف ، وتقديره لشاهدت أمرا عظيما. و (لا نُكَذِّبَ) منصوب بأن مضمرة بعد الواو ، ومثله ونكون ، والمصدر المنسبك معطوف على مصدر متصيد من نرد ، والتقدير يا ليت لنا الرد وعدم التكذيب وكوننا من المؤمنين. (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) ان نافية ، وهي مبتدأ ، و (حَياتُنَا) خبر ، و (الدُّنْيا) صفة للحياة ، لأنها بمعنى الأول أو الدنيّة أو القريبة. وبغتة مصدر في موضع الحال من الساعة ، أي باغتة وساء فعل مستتر ، و (ما) تمييز بمعنى شيء ، والمخصوص بالذم محذوف ، والتقدير ساء الشيء شيئا وزرهم.