ابن إسحاق بن إبراهيم (إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي) يومى هذا السؤال إلى الخوف أن يرتدوا بعد وفاته كفارا (قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ) جدّ أبيهم (وَإِسْماعِيلَ) عمّ أبيهم (وَإِسْحاقَ) جدّهم الأقرب (إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) مطيعون.
١٣٤ ـ (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ) مضت إلى ربّها (لَها ما كَسَبَتْ) لا لغيرها (وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ) لا تنفعكم حسنات الآباء والأجداد (وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) ولا هم يسألون عن أعمالكم.
١٣٥ ـ (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى) أي قال اليهود للمسلمين أو للناس : كونوا يهودا ، وقال النصارى : كونوا نصارى (تَهْتَدُوا) تصيبوا طريق الهدى والحق (قُلْ) يا محمد لليهود والنصارى : (بَلْ) نتبع (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) والحنيف المائل عن كل دين إلى دين الحقّ (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ولا من اليهود والنصارى.
١٣٦ ـ (قُولُوا) أيها المسلمون : (آمَنَّا بِاللهِ) هذا هو الأول والأصل الأصيل في الدين القويم (وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) وهو القرآن ، والإيمان به إيمان بمحمد (ص) (وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) والكتب السماوية لم تنزل إليهم جميعا ، وإنما نزلت إلى إبراهيم ولكن صحة النسبة إلى الجميع بالنظر إلى أنهم متعبدون بها (وَالْأَسْباطِ) وهم حفدة يعقوب من أبنائه الإثني عشر ، ومن الأسباط داود وسليمان ويحيى وزكريا (وَما أُوتِيَ مُوسى) التوراة (وَعِيسى) الإنجيل (وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) كالزبور المنزلة على داود (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) نؤمن بكل نبيّ يؤمن به محمد (ص) دون استثناء (وَنَحْنُ لَهُ) لله تعالى (مُسْلِمُونَ) معترفون بوحدانيته.
١٣٧ ـ (فَإِنْ آمَنُوا) اليهود والنصارى والمشركون (بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ) إيمانا خالصا (فَقَدِ اهْتَدَوْا) إلى الحق (وَإِنْ تَوَلَّوْا) عن الدخول فيما دخلتم (فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ) في عناد للحق (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) هذا وعد من الله لنصرة الإسلام على أعدائه (وَهُوَ السَّمِيعُ) يسمع أقوالهم (الْعَلِيمُ) يعلم أفعالهم.
____________________________________
الإعراب : (تَهْتَدُوا) مجزوم بجواب الأمر ، وهو (كُونُوا) ، لأن فيه معنى الشرط ، أي إن تكونوا على اليهودية والنصرانية تهتدوا ، ولفظ ملة منصوب بفعل محذوف ، أي نتبع (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) ، و (حَنِيفاً) حال من ابراهيم ، ولفظ صبغة الله منصوب على المصدر ، أي صبغنا صبغة الله ، وصبغة من قوله تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) تمييز محول عن المبتدأ ، أي ومن صبغته أحسن من صبغة الله.