طبيعة في اليهود ، وسيبقى إلى اليوم الأخير (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ) زينت لكم (أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) جرما كبيرا (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) وهو الذي لا شكوى فيه لمخلوق.
١٩ ـ ٢٠ ـ (وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ ...) قافلة ، تريد الماء ، وألقت بدلوها إلى البئر ، فتعلق به يوسف ، وفرحت به القافلة ، وباعوه إلى عزيز مصر بثمن بخس زهيد.
٢١ ـ (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ) وكان من أعوان الملك وأمنائه (لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي ...) مقامه ، واحسني إليه ، فقد ننتفع به في بعض الشؤون أو نتبناه ، لأن العزيز كان عقيما (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) جعلنا له قوة ومكانة (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) نعلمه ما لم يكن يعلم (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) فعال لما يريد بلا صادّ ورادّ.
٢٢ ـ (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) استكملت خصاله عقلا وجسما (آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) والمراد بالحكم هنا الحكمة ، وهي وضع الشيء في مكانه المناسب.
٢٣ ـ (وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها ...) يقاد المرء في تصرفه وأعماله لا في أفكاره وأقواله ، يقاد من ميله لا من عقله ، ومن جيبه لا من قلبه ، ومن شهوته ومعدته لا من إيمانه وعقيدته إلا من رحم ربك بالعصمة أو بالتقوى ... وضرب سبحانه مثلا بامرأة العزيز للكثرة الكاثرة من النساء والرجال الذين ينقادون بالعاطفة ، ويؤثرون الشهوة على الحق والخير والدين والعقل ، وأيضا ضرب مثلا للقلة القليلة بيوسف الذي يؤثر الحق والخير على كل شيء ، ويفنى بكله ، بميوله وجميع غرائزه في طاعة الله. هذي هي بإيجاز الفلسفة السليمة الصحيحة لقصة يوسف وامرأة العزيز ، بل ولحياة كل مؤمن حقا وصدقا وسيرته ... أبدا لا يدخل في الباطل ، ولا يخرج من الحق مهما كانت المغريات ، لأن بينه وبين ذلك قوة حاجزة رادعة من الدين والإيمان.
___________________________________
الإعراب : (عَلى قَمِيصِهِ) حال مقدم من دم كذب. (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) صبر خبر لمبتدأ محذوف ، وجميل صفة لصبر أي فأمري صبر جميل. و (يا بُشْرى) منادى أي احضري يا بشارة فهذا أوانك. و (بِضاعَةً) حال. و (دَراهِمَ) بدل من ثمن. (مِصْرَ) لا تنصرف للعلمية والتأنيث. و (عَسى) تامة ، والمصدر من أن ينفعنا فاعل. (وَلِنُعَلِّمَهُ) منصوب بأن مضمرة ، والمصدر مجرور باللام ، ومتعلق بفعل محذوف أي ولتعليمه من تأويل الأحاديث مكناه.