١٩ ـ و (قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ) لا تخافي ، أنا ملاك لا إنسان وقديس لا شيطان. جئت (لِأَهَبَ لَكِ) لأقول لك إن الله سبحانه قد وهبك (غُلاماً زَكِيًّا) طاهرا مطهرا.
٢٠ ـ (قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) كيف؟ ومن أين الغلام؟ ولا زوج لي ، أما السفاح فكل شيء دونه حتى الموت ٢١ ـ (قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ) وقوله الفصل (هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ) على عظمة الله وقدرته حيث خلقه من أنثى بلا ذكر (وَرَحْمَةً مِنَّا) للعالمين ، وتقدم في الآية ٤٥ وما بعدها من آل عمران.
٢٢ ـ (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا) أحست مريم بالحمل ، فاستسلمت لأمره تعالى ، وابتعدت بحملها عن الناس.
٢٣ ـ (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ) الطلق ، وأصل الفعل جاءها ، فدخلت همزة التعدية فصار أجاءها ، مثل أقامه وأقعده ، والمعنى ألجأها الطلق (إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) كلمة تقال ، ينفّس بها المهموم عن كربه ، وما عليه من غضاضة ما لم يكن شاكا في دينه ولا مرتابا بيقينه.
٢٤ ـ (فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) جدولا من ماء.
٢٥ ـ (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) لم يسقط سبحانه الرطب على مريم تلقائيا. بل أمرها بالحركة والأخذ بالجذع للتنبيه إلى أنه يبسط الرزق بالسعي والعمل.
٢٦ ـ (فَكُلِي) من الرطب (وَاشْرَبِي) من الجدول (وَقَرِّي عَيْناً) طبيي نفسا بالمولود المبارك (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) وسألك عن المولود (فَقُولِي) بالإيماء والإشارة : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) بالسكوت ، وكل ما تقدم ، ويأتي أيضا ، في غاية الوضوح ، وإذن علام طول الشرح وتوضيح الواضحات.
٢٧ ـ (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ) وضعت مريم وليدها. وحملته إلى أهلها ، ورأسها في السماء تجر ذيول العزة والكرامة ، وقلبها عامر بالأمان والإيمان ، وعلى يدها روح الله ورحمته ، وكل بريء هو في ثقته وشجاعته كمريم ، وإن تراكمت عليه الإفتراءات والتهم (قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) بدعواك الحمل بلا دنس ، إنها محض الإفتراء.
___________________________________
الإعراب : (أَلَّا تَحْزَنِي) ان مفسرة بمعنى أي ولا ناهية. و (بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) الباء زائدة اعرابا. وفاعل (تُساقِطْ) ضمير مستتر يعود الى النخلة. و (رُطَباً) حال منه. وإما مركبة من كلمتين ان الشرطية وما الزائدة. و (تَرَيِنَ) مضارع خوطبت به المرأة ، ودخلت عليه نون التوكيد. جملة (تَحْمِلُهُ) حال.