٢٨ ـ (يا أُخْتَ هارُونَ) أي هي من بيت النبوّه والشرف وفي التوراة سفر المزامير الإصحاح ١٠٦ فقرة ١٦ «هرون قدوس الرب» (ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) خرجت من أفضل المعادن منبتا. وفي الحديث : إياكم وخضراء الدّمّن. قالوا : يا رسول الله ، ومن خضراء الدمن؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء.
٢٩ ـ (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ) تستشهد به على براءتها ، وهو أصدق الشاهدين (قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) ما هذا الهزؤ والإستخفاف؟ ولكن الذي في المهد كلمهم قبل أن يكلّموه.
٣٠ ـ (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ) أول كلمة نطق بها عيسى تنزيه الخالق عن الولد ، وإثبات العبودية لله وحده لا شريك له (آتانِيَ الْكِتابَ) الإنجيل (وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) أي سيجعلني في المستقبل بديل أن الإنجيل لم ينزل عليه وهو في المهد ، وكيف يكون الرضيع حجة على الناس وهو غير مكلّف ومسؤول عن شيء ، وكنا في غنى عن هذه الإشارة الواضحة لولا تمويه مجرم آثم بأن عيسى بعث وهو في المهد ، ولم يبعث محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا بعد الأربعين. أنظر التفسير الكاشف ج ٣ ص ١٤٤.
٣١ ـ ٣٣ ـ (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً) وكل من ينفع الناس بجهة من الجهات فهو مبارك ، وكل من يضار بواحد منهم فهو شؤم ورجس ٣٤ ـ (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِ) خبر لمبتدأ محذوف أي هو قول الحق (الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) أي يشكّون ويختلفون ، هذي هي كلمة الحق في عيسى : لا هو جبار ومحتال كما قال اليهود ، ولا هو ابن الله وشريكه في الخلق كما قال النصارى ، إنه نبي يبلّغ رسالات ربه وعبد من عباده الصالحين.
٣٥ ـ (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ) ولماذا الولد؟ وهو الغني (إِذا قَضى أَمْراً ...) تقدم في البقرة ١١٧ وفي آل عمران ٤٧.
٣٦ ـ (وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) هذا من كلام عيسى (ع) يأمر فيه بدين التوحيد لأنه الدين القويم من سلكه نجا ، ومن ضلّ عنه هوى.
٣٧ ـ (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) وهم المنتمون إلى عيسى وديانته ، قالت طائفة منهم : هو الله هبط إلى الأرض ثم صعد إلى السماء ، وذهبت ثانية إلى أنه ابن الله ، وثالثة أنه عبد الله ، ورابعة يجمع بين اللاهوت والناسوت. كان هذا الخلاف في العصور الخالية ، واليوم الكل علىّ وفاق بأن عيسى أحد الأقانيم الثلاثة.
٣٨ ـ (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا) يخبّر سبحانه عن حال الكافرين والمجرمين يوم القيامة ، وأنه لا أحد أسمع منهم وأبصر للحق آنذاك ، وكانوا في الدنيا الصم البكم العمي.
___________________________________
الإعراب : و (كَيْفَ نُكَلِّمُ كَيْفَ) حال أي على أيّ حال (نُكَلِّمُ) ، أو مفعول مطلق على معنى أي كلام (نُكَلِّمُ).