أَهْلَ يَثْرِبَ) اسم المدينة (لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا) قيل : كان جيش الشرك ما يقرب من عشرة آلاف ، ومع النبي سبعمائة مقاتل. وقيل : بل أكثر. فقال بعض المنافقين لجيش الإسلام : لا طاقة لكم بهذا الجيش الجرار ، ولا نجاة منه إلا بالفرار (وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) أي منكشفة للصوص ، كان بعض المنافقين يطلبون الإذن من النبي بالانصراف ، ويتعللون بهذه الأعذار ، فأكذبهم سبحانه بقوله : (وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً) من الجهاد ونصرة الحق.
١٤ ـ (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً) لو دخلت جيوش الشرك المدينة منتصرة ، وأحاطت بها من كل جانب ، وقال المشركون للمنافقين وضعاف الإيمان : أعلنوا العداء لمحمد والارتداد عن الإسلام ـ لاستجابوا فورا من غير تردد ، أو ترددوا قليلا ثم خنعوا وخضعوا.
١٥ ـ (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) هذا الخوف أن يثبتوا مع رسول الله حتى الموت ، ولكنهم تركوه من النظرة الأولى إلى جيش الأحزاب.
١٦ ـ (قُلْ) للمنافقين يا محمد : (لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ) من الموت فإنه ملاقيكم لا محالة.
١٧ ـ (قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ) أبدا لا عاصم من أمره ، ولا ناصر من دونه.
١٨ ـ (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ) المثبطين (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ) أي أصحابهم وعشرائهم (هَلُمَّ إِلَيْنا) تعالوا إلى ما نحن فيه من الضلال والثمار (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ) القتال (إِلَّا قَلِيلاً) إذا اضطر المنافقون إلى القتال قاتلوا رياء وبلا جدوى.
١٩ ـ (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) بأموالهم وأنفسهم وقت الحرب وساعة العسرة (فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ) ساعة القتال نظر المنافقون إلى رسول الله (ص) نظر المغشي عليه من سكرات الموت
___________________________________
الإعراب : ويثرب لا تنصرف للعلمية ووزن الفعل. ويسيرا صفة لظرف زمان محذوف أي الا زمنا بسيرا. ولا يولون جواب عاهدوا لأنه بمعنى أقسموا. لا تمتعون إلا قليلا أي إلا زمنا قليلا. وهلم اسم فعل بمعنى أقبل وتعال عند أهل الحجاز ، وتقال بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث. وأشحة حال في الموضعين.