١١ ـ (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) دروعا كاسية وافية (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) أحكم صنعها لكي تقي المقاتل من الطعن والضرب ، ولا تمنعه من الحركة.
١٢ ـ (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) كانت الريح تحمل سليمان ، وتقطع في الصباح مسيرة شهر كامل على الأقدام ، وكذلك في المساء (وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) أسلنا : أذبنا ، عين : نفس الشيء ، تقول : هذا عين كتابي أي هو بالذات ، والقطر : النحاس أو الحديد ، وقد أذابه سبحانه لسليمان كما ألان الحديد لأبيه داود (وَمَنْ يَزِغْ) ينحرف ويخرج عن الطاعة.
١٣ ـ (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ) جمع محراب وهو المعبد وما أشبه (وَتَماثِيلَ) جمع تمثال وهو صورة الشيء (وَجِفانٍ) جمع جفنة وهي القصعة (كَالْجَوابِ) جمع جابية وهي الحوض الكبير (وَقُدُورٍ) جمع قدر (راسِياتٍ) ثابتات ، وتقدم في الآية ٨٢ من الأنبياء ، وتجدر الإشارة أنه قد كان ما كان لسليمان من قصور وجفان وتماثيل وأكاليل ولكن ما كان ذلك أو شيء منه على حساب العراة والجائعين كلا ولا بأيديهم كالأهرام في مصر ، وقصر يلدز في القسطنطينية ـ أو قصر الآس في غرناطة أو الحمراء في قرطبة أو قصور الملوك في عصرنا أو عصر البائدين ، بل كان من عمل الجن لا من الإنس بنص القرآن الكريم.
١٤ ـ (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ) على سليمان (الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ) السوسة التي تأكل الخشب (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) وهي العصا ، وخلاصة المعنى : مات سليمان متكئا على عصاه وبقي كذلك إلى ما شاء الله ، وكان الإنس والجن ينظرون إليه ويحسبونه حيا ، إلى أن دبت السوسة في عصاه ، وأكلت جوفها فانكسرت وسقط سليمان ، وعلم الجميع بموته ، وقضي على الخرافة القائلة بأن الجن يعلمون الغيب ، ولو علموه (ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) وأخيرا فنحن نؤمن ونصدق كل ما دلّ عليه ظاهر هذه الآيات ، وإن كان بعيدا عن الأفهام ، لأنه يتفق مع النقل ولا يخالف العقل.
١٥ ـ (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ) قبيلة من العرب ، سميت باسم أبيها ، وفي قاموس الكتاب المقدس ؛ أن بلاد سبأ في جنوب جزيرة العرب (فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ) آية أي دلالة وعلامة على نعم الله الوافرة ، وعن يمين وشمال كناية عن الخصب والازدهار في كل جزء من
___________________________________
الإعراب : (يا جِبالُ أَوِّبِي) أي قلنا يا جبال أوبي. و (الطَّيْرَ) بالنصب لأنه معطوف على محل الجبال. والمصدر من (أَنِ اعْمَلْ) مفعول من أجله لألنا أي ألنا له الحديد لأجل عمل الدروع ، وقيل : ان مفسرة بمعنى أي. و (الرِّيحَ) مفعول لفعل محذوف أي وسخرنا لسليمان الريح. وغدوها شهر مبتدأ وخبر ، والجملة حال من الريح. ومن الجن من يعمل «من» مفعول لفعل محذوف أي وسخرنا له من الجن من يعمل. وال داود أي يا آل داود ، ومفعول اعملوا محذوف ، وشكرا مفعول من أجله أي اعملوا الخيرات شكرا لله. (آيَةٌ) اسم كان ، و (لِسَبَإٍ) خبرها وفي مسكنهم متعلق بما تعلق به لسبأ. و (جَنَّتانِ) بدل من آية.