٣١ ـ (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ) ألا يتعظ اللاحقون بما حلّ في السابقين (أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) أي لم يبق من الهالكين المتقدمين أحد يخبر المتأخرين عما جرى وكان فيمن سبق كي يتعظوا ويعتبروا ، ولكن آثار الهالكين تدل عليهم ، وكفى بها عبرة وعظة.
٣٢ ـ (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) لما هنا بمعنى الا ، أي ما من أمة ماضية أو حاضرة أو آتية إلا وتقف بين يدي الله لنقاش الحساب.
٣٣ ـ ٣٤ ـ (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ ...) هذه من آيات البعث والنشور ، وفيها الدلالة الكافية الوافية على إمكان الحياة بعد الموت ، بل ووقوعه أيضا كما نرى الحياة الأرض بعد موتها ، وقد تردد ذلك وتكرر في العديد من الآيات ، ومنها الآية ٩٩ من الأنعام.
٣٥ ـ (لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) فيه إيماء إلى أن النعمة حقا هي المال الحلال المكتسب من كد اليمين وعرق الجبين ، وفي الحديث الشريف : «إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها صوم ولا صلاة ولا حج ، وإنما يكفرها سعي الرجل على عياله».
٣٦ ـ (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) أي أصناف المخلوقات من نبات وإنسان وحيوان ... إلى غير ذلك مما نجهل في السماء والفضاء وتحت الثرى.
٣٧ ـ (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) المراد بالسلخ هنا وجود النهار عقب الليل وبعده لا انتزاعه وتجريده منه ، (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) داخلون في الظلام.
٣٨ ـ (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) المراد بالجري هنا حركة الشمس في فلكها الخاص ، وبالمستقر النظام المحكم لا المستقر المكاني كما قال المفسرون القدامى ، والدليل على ذلك قوله تعالى : (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) أي حركة الشمس بنظام في فلكها الذي لا تتجاوزه هي من تقديره تعالى وتدبيره ٣٩ ـ (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) ومعنى هذا أن القمر غير ثابت في مكانه ، بل يتدرج تبعا للأرض ودورانه حولها (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) دقة وانحناء في رؤية العين ، والعرجون : غصن النخلة.
٤٠ ـ (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) لكل من الشمس والقمر فلكه الخاص يدور فيه بنظام ، ويجري في منازل مقدرة إلى ما شاء الله ، وتقدم في الآية ٣٣ من الأنبياء. وأخيرا فلسنا من علماء الفلك حتى نجول في هذا الميدان ، والمهم أن نعلم بأن القرآن وحي من خالق الكون ، ويستحيل أن ينطق بشيء على خلاف الواقع ، فإن اتفق ظاهر الوحي مع واقع الطبيعة فذاك والأوجب تأويل الظاهر بما يتفق مع الواقع. وهذه قاعدة عقلية ودينية مطلقة ترفض التغيير والتقييد ٤١ ـ (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) المملوء منهم وما يبتغون ، وتقدم في الآية ١١٩ من الشعراء ٤٢ ـ (وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ) وضمير «مثله» يعود إلى الفلك ، والطائرة والسيارة به أشبه من البغال والحمير والإبل والخيل.