٢١ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) حقا وصدقا لا رياء ونفاقا (الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) لما عدّد سبحانه فرق المكلّفين من المؤمنين والكافرين والمنافقين ـ أفهمهم جميعا أنه هو وحده خالق الأولين والآخرين ورازقهم ، فعليهم أن يعبدوه ويطيعوه (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ما من شك أن من يصلي لله مخلصا له الدين فإنّه يتّقي معاصيه أيضا في غير الصلاة.
٢٢ ـ (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) مستقرا لا غنى عنه (وَالسَّماءَ بِناءً) كالقبة المضروبة على هذا المستقر بحسب الرؤية البصرية (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ) لتشكروا الله على فضله ، وتفكروا في خلقه ولتعلموا أنه هو الخالق الذي ليس كمثله شيء (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) شركاء (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي تعقلون وتميّزون وتدركون أنه لا خلق بلا خالق.
٢٣ ـ (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا) بعد ما ذكر سبحانه وجوب الإيمان به أشار إلى وجوب الإيمان بمحمد (ص) ، ومن الأدلة عليه هذا التحدي : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) الضمير يعود إلى القرآن ، وسميّت الآية المعيّنة المحدودة سورة تشبيها بسور المدينة الذي يحيط بمساكن معيّنة محدودة (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أرسل سبحانه محمدا للناس بحجّة كافية. وهي إعجاز القرآن بما فيه من معان وبيان. وتحدى من جحد بأن يأتي بسورة مثله مبني ومعنى. ثم يقارن في حضور العقلاء بين القرآن وبين ما يأتي به الجاحد ، فإن شهدوا أنهما بمنزلة سواء فليبق على كفره بل وليدع إلى الكفر بمحمد ورسالته ، وإن شهد العقلاء بعجزه فهو الكاذب والمفتري ، أما محمد (ص) فهو الصادق الأمين.
٢٤ ـ (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) القطع بالعجز قبل أن يحاولوا تحدّثان ، وكفى بعجزهم رغم المحاولة شاهدا ودليلا (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) الوقود ما يوقد به ، والفرق بين نار جهنم ونار الدنيا أن وقود الأولى ناس وحجارة كانت من قبل أصناما. ووقود الثانية بترول وفحم وحطب.
٢٥ ـ (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) بعد أن هدّد وتوعد الكافرين بالجحيم وعد وبشر المؤمنين بالنعيم (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) في اللون دون الطعم (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) من كل عيب ودنس روحا وجسما (وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) ملك قائم ونعيم دائم.
٢٦ ـ (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما
____________________________________
ملاحظة : ان القرآن معجزة بما هو كلام الله ، بصرف النظر عن العربي البليغ وغيره ، وانما نعرف المعجزة ، ونكتشفها من عجز العربي البليغ ، تماما كما نكتشف من عجز بطل السباحة العالمي في البحر الهائج عجز سواه ، مع التقدير بأنه الأول في بطولة السباحة.