٩ ـ (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) لست بأول رسول للحق إلى الخلق حتى قامت قيامتكم ولم تقعد (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) في الحياة الدنيا ، لأن النصر بيد الله العزيز الحكيم ، وقد نصر الله عبده محمدا ، وأظهر دينه على الشرك كله.
١٠ ـ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) أيها الكافرون بالقرآن (إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ) ما ذا تظنون أن يصنع الله بكم إن كان القرآن حقا وصدقا؟ ولما ذا تظلمون أنفسكم؟ (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ) ضمير مثله للقرآن ، والمعنى أن عالما من بني إسرائيل شهد بأن تعاليم القرآن تماما مثل تعاليم التوراة التي أنزلها الله على موسى ، ولذا آمن بالقرآن ونبوة محمد (ص) هذا العالم المنصف (وَاسْتَكْبَرْتُمْ) أيها المشركون عن الإيمان بالحق.
١١ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) آمن بمحمد والقرآن الفقراء والمساكين كبلال وعمار وصهيب وخباب ، ومعنى هذا في منطق عتاة البغي أن القرآن لا خير فيه ، ولم تمض أيام حتى داس هؤلاء المستضعفون الأصنام بالأقدام ، واعتلى العبد الحبشي بلال ظهر الكعبة ينادي : لا إله إلا الله محمد رسول الله (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ) لم يؤمنوا بالقرآن (فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) خرافة وأساطير الأولين ، ولما ذا القرآن الخرافة عند هؤلاء؟ أبدا لا لشيء إلا لأنه لا ينطق عن جهلهم وأهوائهم.
١٢ ـ (وَمِنْ قَبْلِهِ) من قبل القرآن (كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا) القرآن (كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ) القرآن كالتوراة التي نزلت على موسى ، كل منهما إمام يهدي للتي هي أقوم ، ورحمة لمن آمن به وعمل بموجبه.
١٣ ـ ١٤ ـ (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) تحدد هذه الآية المتقين حقا وواقعا ، بالإيمان والعمل بموجبه ، بالخوف من الله ، وانعكاس هذا الخوف في شيء محسوس وملموس ، أما جزاء هذا الخوف في الدنيا فهو الأمن من الخوف في الآخرة كما قال سبحانه : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ...) وتقدم في الآية ٣٠ من فصلت.
___________________________________
الإعراب : وما أدري «ما» نافية. ما يفعل بي «ما» مبتدأ والخبر يفعل. (وَمِنْ قَبْلِهِ) متعلق بمحذوف خبرا لكتاب موسى أي وكتاب موسى كائن من قبله. و (إِماماً) حال من الضمير في كائن. و (لِساناً) حال من الضمير في مصدق. والمصدر من لينذر متعلق بمصدق و (بُشْرى) عطف على المصدر المنسبك أي للإنذار والتبشير. (خالِدِينَ) حال من ضمير أصحاب. و (جَزاءً) نصب على المصدر أي يجزون جزاء.