نطهّر أنفسنا بطاعتك (قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) أبدا لا يفعل سبحانه شيئا إلا لحكمة بالغة ، وكثيرا ما تختفي عن إدراك الناس والملائكة أيضا.
٣١ ـ (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) أي أسماء الكائنات كالنبات والحيوان والجبال والوديان ... (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ) أي عرض الكائنات وأعاد عليها ضمير «هم» لأن في الكائنات عقلاء فجاء الضمير تغليبا للعاقل على غيره (فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) الكائنات (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي عارفين بالحكمة من جعل آدم خليفة في الأرض.
٣٢ ـ (قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) وليس هذا مما علّمتنا إيّاه حتى نعرفه (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ) بكل شيء (الْحَكِيمُ) فيما تفعل أو تترك.
٣٣ ـ (قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) ليعلموا أنك أهل ومحل لخلافة الله (فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) أي بأسماء الأشياء وجنسها (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وما فيهنّ وما بينهنّ (وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ) قبل أن تبدوه (وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) من كل شيء.
٣٤ ـ (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) أمرهم بالسجود لآدم تعظيما لشأنه (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ) لأنه رأى نفسه أجلّ وأعظم من آدم (وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) حيث رأى أمر الله له بالسجود لآدم ظلما وجورا.
٣٥ ـ (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) ضمير أنت توكيد للضمير المستتر في اسكن ، وزوجك مرفوع عطفا عليه (وَكُلا مِنْها رَغَداً) واسعا رافها (حَيْثُ شِئْتُما) من بقاع الجنّة (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) لا تأكلا منها (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) بفعل ما أمر الله بتركه.
٣٦ ـ (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ) بحبائله (فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ) من نعمة وكرامة (وَقُلْنَا اهْبِطُوا) انزلوا ، وجمع سبحانه الضمير ، لأن آدم وحواء أبوا البشر (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) إشارة إلى ما سوف يحدث بين الناس من تشاجر وتناحر
__________________
الإعراب : (زَوْجُكَ) معطوف على الفاعل ، و (رَغَداً) قائم مقام المفعول المطلق ، والتقدير أكلا رغدا ، أي واسعا ، و (الشَّجَرَةَ) بدل من هذه ، و (فَتَكُونا) منصوبة بأن مضمرة بعد الفاء ، و (بَعْضُكُمْ) مبتدأ ، و (عَدُوٌّ) خبر ، و (لِبَعْضٍ) متعلق بعدو ، وإما مؤلفة من كلمتين ان الشرطية ، وما الزائدة ، وانما زيدت للتوكيد ، وهي التي سوغت دخول نون التوكيد على يأتينّكم ، تماما كقوله تعالى : (فَإِمَّا تَرَيِنَ) ، وقوله : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ).