ويشهد على ذلك ان حديث الرفع أيضا وارد مورد الامتنان ولا يزالون يستدلون به على عدم نفوذ المعاملات التي وقعت عن اكراه ـ بل استدل به الامام عليهالسلام على ذلك أيضا ـ حتى فيما إذا كان في نفوذها مصلحة المكره (بالفتح) أحيانا وان لم يعلم هو به ، فلا يراعى فيه ملاك الامتنان في كل واحد من الموارد الشخصية ، ولو كان مراعاة ذلك لازما كان الحكم ببطلان عقد المكره على الإطلاق بمقتضى حديث الرفع في غير محله والقول بان نفوذ تلك المعاملة بغير رضى المالك مشتمل على الضرر دائما وان كان فيها منافع جمة له واقعا ، لما فيه من سلب اختيار المالك وقصر دائرة سلطنته ، شطط من الكلام ، وهكذا الكلام في نفى آثار غير الإكراه من التسعة كالجهل والنسيان فإنه لا يكون فيه ملاك المنة في جميع الحالات مع إطلاقهم القول برفعها وليس ذلك الا من جهة كفاية ملاك المنة بحسب نوع الحكم ونوع مصاديقه.
فالصواب في وجه الحكم بصحة العبادة في المقام هو الوجه الثاني ويمكن تقريبه بوجه آخر أتم وأقوى وهو : انه لا إشكال في ان الضرر في هذه الموارد من قبيل العناوين الثانوية التي تكون مانعة عن تأثير العنوان الاولى بملاكه ، الذي يكون على نحو الاقتضاء لا العلية التامة ، فالوضوء الضرري في حد ذاته واجد للملاك ولكن هذا العنوان الثانوي بملاكه يمنع عن تأثيره ؛ ومن المعلوم ان الضرر إذا كان متوجها نحو المكلف على كل حال ، لجهله بالواقع ؛ كان الحكم بنفيه بلا ملاك ، لعدم إمكان استيفاء الشارع غرضه منه ، فالحكم بنفيه (ح) حكم بلا ملاك ولغو محض ، وان هو الا نظير الحكم ببطلان وضوء «المكره على استعمال الماء» مع كونه مضرا له ، فهل يساعد وجدان احد على الحكم ببطلان وضوئه في هذا الحال إذا اتى به عن قصد؟
ومما ذكرناه يظهر ان المكلف غير مأمور بالتيمم في محل البحث ، بل هو مأمور بالوضوء واقعا ، فما ذكره في العروة من تعليل بطلان الوضوء بعدم الأمر به واقعا في غير محله ، اللهم الا ان يقال ان نظره في ذلك الى إطلاق الأخبار الخاصة الواردة في باب التيمم فيما إذا كان استعمال الماء مضرا ولكن الإنصاف أن شمولها لصورة موجود الضرر واقعا مع جهل المكلف به محل تأمل واشكال هذا كله إذا كان الضرر موجودا في الواقع