مع جهله ، به اما عكس المسألة وهو :
***
إذا كان استعمال الماء مضرا باعتقاده ومع ذلك توضأ واغتسل ثمَّ بان عدم الضرر فيه ، فظاهر غير واحد منهم الحكم بالبطلان فيه ؛ كما يظهر من كلماتهم في أبواب مسوغات التيمم. والوجه فيه اما كونه مأمورا بالتيمم وعدم كونه مأمورا بالوضوء نظرا الى صدق عدم التمكن من استعمال الماء في حقه لان المراد من «عدم الوجدان» في قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) عدم التمكن من استعماله ، سواء كان لعدم وجوده أو لعدم القدرة على استعماله لمانع شرعي أو عقلي ويظهر اختيار هذا الوجه من المحقق النائيني.
أو لعدم تمشي قصد القربة منه مع كونه باطلا وحراما باعتقاده ، ولو فرض تمشيها منه فلا يكون الفعل مقربا ، لا لأنه حرام واقعا بل لان الفعل إذا وقع بعنوان التجري فهو كالمعصية الحقيقية في كونه مبعدا للعبد من ساحة المولى ومانعا من التقرب اليه واعتمد على هذا الوجه في «المستمسك».
والانصاف ان شيئا من الوجهين لا يكفي في إثبات البطلان ، اما الأول فلان مجرد تخيل الضرر لا يجعله غير واجد للماء وغير متمكن من استعماله ، بل هو متخيل لعدم التمكن لا انه غير متمكن واقعا وان هو إلا نظير من يكون مستطيعا في الواقع وهو لا يعلم باستطاعته ؛ أو يكون قادرا على الصلاة قائما وهو يزعم انه غير قادر ، فهو مأمور واقعا بالطهارة المائية وان كان معذورا ما دام جهله واما قياس ذلك على ما ذكروه في باب صحة صلاة من يكون الماء في راحلته وهو لا يعلم به قياس مع الفارق ، لان الجهل هناك مانع عقلي من استعمال الماء كما هو ظاهر بخلاف الجهل فيما نحن فيه فإنه ليس مانعا عقلا ولا شرعا ، كيف والمفروض ان المكلف أقدم على الوضوء فكيف يقاس به فتدبر.
واما عدم تمشي قصد القربة فهو ليس دائميا كما يظهر من ملاحظة حال عوام الناس في أمثال المقام وكون التجري مبعدا ومانعا من التقرب أيضا محل للكلام.