النزر اليسير الحديثي الذي عرفناه منه استفدناه ، ولكن أرى أنّ التنبيه على ذلك حتم لازم في الدين » (١).
وقال السبكي :
« زكريا بن يحيى بن ... السّاجي الحافظ ، كان من الثقات الأئمة ...
روى عنه الشيخ أبو الحسن الأشعري. قال شيخنا الذهبي : وأخذ عنه مذهب أهل الحديث.
قلت : سبحان الله ، هنا تجعل الأشعري على مذهب أهل الحديث ، وفي مكان آخر ـ لو لا خشيتك سهام الأشاعرة ـ لصرّحت بأنّه جهمي ، وما أبو الحسن إلاّ شيخ السنّة وناصر الحديث وقامع المعتزلة والمجسّمة وغيرهم » (٢).
وقال السبكي ـ بترجمة الأشعري ـ :
« وأنت إذا نظرت بترجمة هذا الشيخ ـ الذي هو شيخ السنّة وإمام الطائفة ـ في تاريخ شيخنا الذهبي ، ورأيت كيف مزّقها وحار كيف يضع من قدره ، ولم يمكنه البوح بالغض منه خوفا من سيف أهل الحقّ ، ولا الصبر عن السكوت لما جبلت عليه طوّيته من نقصه ، بحيث اختصر ما شاء الله أن يختصر في مدحه ، ثمّ قال في آخر الترجمة : من أراد أن يتبحّر في معرفة الأشعري فعليه بكتاب تبيين كذب المفتري لأبي القاسم ابن عساكر ، اللهم توفّنا على السنّة ، وأدخلنا الجنّة ، واجعل أنفسنا مطمئنّة ، نحبّ فيك أولياءك ونبغض فيك أعداءك ، ونستغفر للعصاة من عبادك ، ونعمل بمحكم كتابك ، ونؤمن بمتشابه ما وصفت به نفسك. انتهى.
فعند ذلك يقضي العجب من هذا الذهبي ، ويعلم إلى ما ذا يشير المسكين ، فويحه ثمّ ويحه ، وأنا قد قلت غير مرة : إنّ الذهبي أستاذي ، وبه
__________________
(١) طبقات الشافعيّة ٢ / ١١٩ ـ ١٢٠.
(٢) طبقات الشافعيّة ٣ / ٢٩٩.