وسلّم لصلاة علي رضياللهعنه ، وتوثيق رجالها ، أن يرمى بالتشيع ، حيث رأى الحافظ الحسكاني في ذلك سلفا له ، ولننقل ذلك بعين كلامه. قال رحمهالله تعالى لمّا فرغ من توثيق رجال سنده : ليحذر من يقف على كلامي هذا هنا أن يظنّ بي أني أميل إلى التشيّع ، والله تعالى أعلم أنّ الأمر ليس كذلك.
قال : والحامل على هذا الكلام ـ يعني قوله : وليحذر إلى آخره ـ أن الذهبي ذكر في ترجمة الحسكاني أنّه كان يميل إلى التشيّع ، لأنّه أملى جزء في طرق حديث ردّ الشمس. قال : وهذا الرجل ـ يعني الحسكاني ـ ترجمه تلميذه الحافظ عبد الغافر الفارسي في ذيل تاريخ نيسابور ، فلم يصفه بذلك ، بل أثنى عليه ثناء حسنا ، وكذلك غيره من المؤرّخين ، ونسأل الله تعالى السلامة من الخوض في أعراض الناس بما لا نعلم. والله تعالى أعلم. انتهى.
أقول : وهذا الجرح في الحافظ الحسكاني إنّما نشأ من كمال صعوبة الجارح وانحرافه من مناهج العدل والإنصاف ، وإلاّ فالحافظ من خدمة الحديث ، بذل جهده في تصحيح الحديث وجمع طرقه وأسناده ، وأثبت بذلك معجزة من أعظم علامات النبوّة وأكملها ، ممّا يقرّ بصحّته عين كلّ من يؤمن بالله تعالى ورسوله صلّى الله تعالى عليه وسلّم. وكيف يتّهم ونسب إلى التشيّع بملابسة القضية لعلي رضياللهعنه؟ ولو صحح حافظ حديثا متمحّضا في فضله لا يتّهم بذلك ، ولو كان كذلك لترك أحاديث أهل البيت رأسا.
ومن مثل هذه المؤاخذات الباطلة طعن كثير من المشايخ العظام.
ومولع هذا الفن الشريف إذا صحّ عنده حديث في أدنى شيء من العادات كاد أن يتّخذ لذلك طعاما فرحا بصحة قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم عنده ، وأين هذا من ذاك؟ ولمّا اطّلع هذا الفقير على صحّته كأنّه ازداد سمنا من سرور ذلك ولذّته. أقرّ الله سبحانه وتعالى عيوننا بأمثاله. والحمد لله ربّ العالمين » (١).
__________________
(١) دراسات اللبيب في الاسوة الحسنة بالحبيب ـ مبحث العصمة.