قوله : نقلا عن الذهبي :
« لقد كنت زمنا طويلا أظنّ أنّ هذا الحديث لم يحسن الحاكم أن يودعه في مستدركه ، فلمّا علقت هذا الكتاب رأيت القول من الموضوعات التي فيه ».
أقول :
أوّلا : نقول ( للدهلوي ) الجسور : لقد صحّفت لفظ « لم يجسر » بلفظ « لم يحسن » فأسأت الفهم ولم تحسن النقل ، وهذا دليل على طول باعك!!
وثانيا : نقول للذهبي : إن قولك : لقد كنت زمنا طويلا ... اعتراف منك بأنّك قد تهت زمنا طويلا في مهامة الجهل ، ولم تقف على كتاب المستدرك السائر في البلدان والأمصار ، والمتداول بين خدمة الأخبار والآثار ، فلم كنت مع جهلك تزعم أن إدخال حديث الطير في المستدرك جسارة ، وهل هذا الزعم منك إلاّ خسارة وأيّ خسارة؟! ومع ذلك : فكيف تحكم وقت التعليق بالوضع على هذا الحديث الشريف ، ولا تأخذ بطرف من التحقيق ، ولا تقبل قول الحاكم ، ولا تحتفل بأنّه من مروّيات الأساطين وأجلّة المحدّثين؟ كيف رميت الحديث بالوضع من غير دليل ، فأرديت أتباعك بالإضلال والتضليل؟ ولكن ـ لله الحمد ـ حيث أفقت من سكر التعصّب والشنآن وغلبة البغي والعدوان ، فاعترفت في كتاب ( الميزان ) بالحقّ الصريح الواضح البرهان ، كما اعترفت في ( تذكرة الحفّاظ ) بأنّ طرق هذا الحديث كثيرة جدّا حتّى أفردتها بمصنف مجدّا.
وثالثا : نقول لأساطين العلم ومراجيح الحلم : أنظروا بعين الإنصاف تاركين للاعتساف ، كيف سفر الحق غاية السفور ، ووضح نهاية الظهور ، وبانت الطريقة الواضحة ، واستنارت المحجة اللاّئحة ، حيث أقرّ مثل هذا الجاحد بتفريطه في أمر هذا الخبر الرفيع الأثير ، وظهر صدق قوله تعالى ( فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ ).