وقال في الخامس والأخير :
« الخامس ـ أن يقال : إمّا أن يكون النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يعرف أنّ عليّا أحبّ إلى الله أو ما كان يعرف ، فإن كان يعرف ذلك كان يمكنه أن يرسل بطلبه كما كان يطلب الواحد من أصحابه ، أو يقول : اللهم ائتني بعليّ فإنّه أحبّ الخلق إليك ، فأيّ حاجة إلى الدعاء والإبهام في الدعاء ، ولو سمّى عليا لاستراح أنس من الرجاء الباطل ولم يغلق الباب في وجه علي. وإن كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يعرف ذلك ، بطل ما يدّعونه من كونه كان يعرف ذلك. ثمّ إنّ في لفظة « أحبّ الخلق إليك وإليّ » فكيف لا يعرف أحبّ الخلق إليه؟ ».
جواب اعتراضه بأنّه إن كان يعرفه فلما ذا الإبهام؟
قلت : قد عرفت أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يعرف أحبّ الخلق إلى الله ، وأنّه لم يكن إلاّ علي عليهالسلام ، فالترديد التي ذكره ابن تيميّة في غير محلّه. وأمّا قوله : فأيّ حاجة إلى الدّعاء والإبهام في الدّعاء؟ فالجواب :
إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد أن يعلم الامّة بأنّ مصداق هذا العنوان ليس إلاّ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأنّ الله عزّ وجلّ هو الذي جعل عليا أحبّ الخلق إليه وإلى رسوله ، لا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم جعل علّيا كذلك من عند نفسه ... ولو أرسل بطلبه أو قال : اللهم ائتني بعلّي فإنّه أحبّ الخلق إليك لم تتبيّن هذه الحقيقة ، ولتعنّت المنافقون وقالوا بأنّ الذي قاله النبيّ من عنده لا من الله عزّ وجل.
فقضيّة الطّير هذه على ما ذكرنا تشبه قضيّة شفاعة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في يوم القيامة بتقدّم وطلب من الأنبياء واحد بعد واحد كما في الحديث المرويّ ... قال الإسكندري ما نصّه :
« أمّا المقدمة ، فاعلم أنّ الله سبحانه وتعالى لمّا أراد إتمام عموم نعمته