شواهد من كلمات العلماء
قال القسطلاني :
« فإن قلت : من اعتقد في الخلفاء الأربعة الأفضليّة على الترتيب المعلوم ، ولكن محبّته لبعضهم تكون أكثر هل يكون آثما أم لا؟
أجاب شيخ الإسلام الولي العراقي : إنّ المحبة قد تكون لأمر دينيّ ، وقد تكون لأمر دنيوي. فالمحبّة الدينية لازمة للأفضلية ، فمن كان أفضل كانت محبته الدينيّة له أكثر ، فمتى اعتقدنا في واحد منهم أنّه أفضل ثمّ أحببنا غيره من جهة الدين أكثر كان تناقضا ، نعم إن أحببنا غير الأفضل أكثر من محبّة الأفضل لأمر دنيوي كقرابة أو إحسان ونحوه فلا تناقض في ذلك ولا امتناع.
فمن اعترف بأن أفضل هذه الامة بعد نبيّها أبو بكر ثمّ عمر ثمّ عثمان ثمّ علي ، لكنّه أحبّ عليا أكثر من أبي بكر مثلا ، فإن كانت المحبّة المذكورة محبة دينية فلا معنى لذلك ، إذ المحبّة الدينية لازمة للأفضليّة كما قرّرناه ، وهذا لم يعترف بأفضليّة أبي بكر إلاّ بلسانه ، وأما بقلبه فهو مفضّل لعلي ، لكونه يحبّه محبّة دينية زائدة على محبّة أبي بكر ، وهذا لا يجوز. وإن كانت المحبة المذكورة دنيوية لكونه من ذرية علي أو لغير ذلك من المعاني فلا امتناع فيه. والله أعلم » (١).
إذن ، المحبّة الدينيّة لازمة للأفضليّة ، وهذا أمر مقرّر.
وقال السبكي :
« محمّد بن أحمد بن نصر الشيخ الإمام أبو جعفر الترمذي شيخ الشافعية بالعراق قبل ابن شريح ... وكان إماما زاهدا ورعا قانعا باليسير ... قال أحمد ابن كامل : لم يكن للشافعية بالعراق أرأس منه ولا أورع ولا أكثر تقلّلا. وقال
__________________
(١) المواهب اللدنية بالمنح المحمّدية ـ بشرح الزرقاني ٧ / ٤٢.