الدار قطني : ثقة مأمون ناسك. توفي أبو جعفر في المحرم سنة ٢٩٥. وقد كمل أربعا وتسعين سنة. ونقل أنّه اختلط في آخر عمره.
وله كتاب في المقالات سمّاه كتاب اختلاف أهل الصلاة في الأصول ، وقف عليه ابن الصّلاح وانتقى منه فقال ـ ومن خطّه نقلت ـ إنّ أبا جعفر قلّ ما تعرض في هذا الكتاب لما يختار هو ، وأنّه روى في أوّله حديث : « تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة » عن أبي بكر ابن أبي شيبة. وأنّه بالغ في الردّ على من فضّل الغني على الفقير ، وأنّه نقل : إن فرقة من الشيعة قالوا : أبو بكر وعمر أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، غير أنّ عليا أحبّ إلينا. قال أبو جعفر : فلحقوا بأهل البدع حيث ابتدعوا خلاف من مضى » (١).
وهذا صريح في أنّ أحبيّة غير الأفضل لا وجه لها أبدا.
وقال شاه ولي الله في بيان أفضلية الشّيخين :
« وأمّا أفضليّتهم المطلقة من جهة وجود الخصائل الأربع فيهم فثابتة بالأحاديث الكثيرة ، منها : حديث عمرو بن العاص ـ وهو الحديث الثاني والأربعون من أحاديث هذا المسلك ـ فعن عمرو بن العاص : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته. فقلت : أيّ الناس أحبّ إليك؟ قال : عائشة فقلت : من الرجال؟! فقال : أبوها. قلت : ثمّ من؟ قال : عمر بن الخطاب.
وذلك كناية عن الأفضلية المطلقة » (٢).
وقال أيضا : « إنّ من ضروريات الدين أن الغرض من العبادات والطاعات وأشغال الصّوفية وغيرهم ليس إلاّ حصول القرب من الله تعالى ، وأن الأنبياء لم يفضلوا على غيرهم ، والأولياء لم يتقدموا على غيرهم ، إلاّ من جهة قربهم عند
__________________
(١) طبقات الشافعية الكبرى ٢ / ١٨٧.
(٢) إزالة الخفا عن سيرة الخلفا ـ مبحث أفضلّية الشيخين.