الله. ولمّا كان الشيخان أحبّ إلى رسول الله من سائر الصّحابة كانا أحقّ بالخلافة من غيرهما.
أمّا المقدّمة الأولى : فللحديث المستفيض عن عائشة : قيل لها : أيّ أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان أحبّ إليه؟ قال : أبو بكر ثمّ عثمان. وعن عمرو بن العاص قال : عائشة. ومن الرجال أبوها ثمّ عمر. وعن أنس مثله.
والمراد من « الأحب » هنا هو « الأقرب منزلة » بدليل قول عائشة : لو كان مستخلفا لاستخلف أبا بكر ثمّ عمر.
وأمّا المقدّمة الثانية : فلأنّه صلّى الله عليه وسلّم ما ينطق عن الهوى ، وأنّ حبّه بالخصوص لم يكن عن هوى. فالأحبيّة تدل على أفضلية الشيخين » (١).
وقال أيضا في الوجوه الدالّة على أفضلية الشيخين : « النوع الخامس عشر : كون الصدّيق أحبّ من سائر الصّحابة ، فعن عائشة عن عمر بن الخطاب قال : أبو بكر سيّدنا وخيرنا وأحبّنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. أخرجه الترمذي. ومن حديث ابن عباس (٢) ، عن عمر في قصّة البيعة نحوه. رواه الترمذي » (٣).
فهل يبقى ريب لمنصف أو مجال لتعنّت متعصّب في أنّ الأحبيّة تستلزم الأفضليّة؟
وقال ( الدهلوي ) كما في ( مجموعة فتاواه ) :
« فائدة ـ كثرة المحبّة الدينيّة لها معنيان ، الأوّل : أن يعتقد المحبّ في محبوبه زيادة في الأمور الدينية. وهذا المعنى يستلزم البتّة اعتقاده
__________________
(١) إزالة الخفا عن سيرة الخلفا ـ مبحث أفضلّية الشيخين.
(٢) هنا وهم بيّن فإنّ البخاري إنّما روى نحو تلك الألفاظ في مناقب أبي بكر في ضمن قصة البيعة المرويّة عن عروة ، عن ابن عباس ، عن عمر من هذه الألفاظ شيء إلاّ قول عمر : إنّه كان من خيرنا حين توفى الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم.
(٣) قرة العينين في تفضيل الشيخين ـ النوع الخامس عشر من فضائل أبي بكر.