بأفضليّته. والثاني : أن يكون حصل المحبّ من محبوبه نفع ديني عظيم لم يصل إليه من غيره. وهذا المعنى لا يستلزم اعتقاده الأفضلية ، لأنّ هذه المحبّة موجودة بين كلّ شيخ ومريده ، وكلّ تلميذ وأستاذه ، مع أنّه لا يعتقد تفضيله ».
ومن الواضح أنّ محبة الله ورسوله ليست إلاّ من القسم الأول حيث الأحبيّة تستلزم الأفضلية كما اعترف ( الدهلوي ). فالحمد لله الذي أجرى الحقّ على لسانه ، وأظهر صحّة استدلال الإماميّة بحديث الطّير من قبله.
وتفيد كلمات بعض الأساطين المحقّقين دلالة الأحبيّة على الأفضليّة :
قال أبو حامد الغزالي :
« بيان محبّة الله للعبد ومعناها : اعلم أنّ شواهد القرآن متظاهرة على أنّ الله تعالى يحب عبده ، فلا بدّ من معرفة معنى ذلك. ولنقدّم الشواهد على محبّته ، فقد قال الله تعالى : ( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ). وقال تعالى : ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا ). وقال تعالى : ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ). ولذلك ردّ سبحانه على من ادّعى أنّه حبيب الله فقال : ( قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ).
وقد روى أنس عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال : إذا أحب الله تعالى عبدا لم يضره ذنب ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. ثمّ تلى : ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ). ومعناه : إنّه إذا أحبّه تاب عليه قبل الموت فلم تضره الذنوب الماضية وإن كثرت ، كما لا يضر الكفر الماضي بعد الإسلام ، وقد اشترط الله تعالى للمحبّة غفران الذنب فقال : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ).
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : إن الله تعالى يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الإيمان إلاّ من يحب.
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من تواضع لله رفعه الله ، ومن تكبّر وضعه الله ، ومن أكثر ذكر الله أحبّه الله.