وقال عليهالسلام : قال الله تعالى : لا يزال العبد يتقرب إليّ بالنوافل حتّى أحبّه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به. الحديث.
وقال زيد بن أسلم : إنّ الله ليحبّ العبد حتى يبلغ من حبّه له أن يقول : اعمل ما شئت فقد غفرت لك.
وما ورد من ألفاظ المحبّة خارج عن الحصر.
وقد ذكرنا أنّ محبة العبد لله تعالى حقيقة وليست بمجاز ، إذ المحبة في وضع اللّسان عبارة عن ميل النفس إلى الشيء الموافق ، والعشق عبارة عن الميل الغالب المفرط ...
فأمّا حبّ الله للعبد فلا يمكن أن يكون بهذا المعنى أصلا ، بل الأسامي كلّها إذا أطلقت على الله تعالى وعلى غير الله لم تطلق عليهما بمعنى واحد أصلا ... فكلّ ذلك لا يشبه فيه الخالق الخلق ، وواضع اللغة إنّما وضع هذه الأسامي أوّلا للخلق ، فإنّ الخلق أسبق إلى العقول والأفهام من الخالق ، فكان استعمالها في حقّ الخالق بطريق الاستعارة والتّجوز والنقل ...
ولذلك قال الشيخ أبو سعيد الميهني رحمهالله تعالى لمّا قرئ عليه قوله تعالى ( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) فقال : بحق يحبّهم ، فإنه ليس يحبّ إلاّ نفسه على معنى أنّه الكلّ ، وأن ليس في الوجود غيره ، فمن لا يحبّ إلاّ نفسه وأفعال نفسه وتصانيف نفسه فلا يجاوز حبّه وتوابع ذاته من حيث هي متعلقة بذاته ، فهو إذا لا يحبّ إلاّ نفسه.
وما ورد من الألفاظ في حبّه لعباده فهو مأوّل ، ويرجع معناه إلى كشف الحجاب عن قلب عبده ، فهو حادث يحدث بحدوث السبب المقتضي له ، كما قال تعالى : لا يزال عبدي [ العبد ] يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبّه. فيكون تقرّبه بالنوافل سببا لصفاء باطنه وارتفاع الحجاب عن قلبه وحصوله في درجة القرب من ربّه. فكلّ ذلك فعل الله تعالى ولطفه به ، فهو معنى حبّه ...
والقرب من الله في البعد من صفات البهائم والسباع والشياطين ،