محمّد بن الحجاج الطبري ـ بسارية طبرستان ـ قال : حدّثنا أبو عبد الله الحسين ابن جعفر بن محمّد الجرجاني قال : حدّثنا أبو عيسى إسماعيل بن إسحاق بن سليمان النّصيبي قال : حدّثنا محمّد بن علي الكفرثوثي قال : حدّثني حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال :
صلّى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلاة العصر وأبطأ في ركوعه في الركعة الأولى ، حتى ظنّ أنّه قد سهى وغفل ، ثمّ رفع رأسه وقال : سمع الله لمن حمده ، ثمّ أوجز في صلاته ، ثمّ أقبل علينا بوجهه كأنّه القمر ليلة البدر في وسط النجوم ، ثمّ جثى على ركبتيه وبسط قائمه حتى تلألأ المسجد بنور وجهه ، ثمّ رمى بطرفه إلى الصفّ الأوّل يتفقّد أصحابه رجلا رجلا ، ثمّ رمى بطرفه إلى الصفّ الثّاني ، ثمّ رمى بطرفه إلى الصف الثّالث ، يتفقّدهم رجلا رجلا ، ثمّ كثرت الصّفوف على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمّ قال :
ما لي لا أرى ابن عمّي علي بن أبي طالب ، يا ابن عمّي ، فأجابه علي من آخر الصفوف وهو يقول : لبّيك لبّيك يا رسول الله. فنادى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأعلى صوته : ادن منّي يا علي. فما زال علي يتخطّى أعناق المهاجرين والأنصار حتى دنا المرتضى إلى المصطفى ، فقال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ما الذي خلّفك عن الصفّ الأوّل؟ قال : شككت أنّي على غير طهر ، فأتيت منزل فاطمة فناديت يا حسن يا حسين يا فضّة ، فلم يجبني أحد ، فإذا بهاتف يهتف بي من ورائي وهو ينادي : يا أبا الحسن يا ابن عمّ النبيّ ، التفت ، فالتفتّ ، فإذا بسطل من ذهب وفيه ماء وعليه منديل ، فأخذت المنديل ووضعته على منكبي الأيمن وأومأت إلى الماء ، فإذا الماء يفيض على منكبي ، فتطّهرت وأسبغت الطهر ، ولقد وجدته في لين الزبد وطعم الشهد ورائحة المسك ، ثمّ التفتّ ولا أدري من وضع السّطل والمنديل ، ولا أدري من أخذه.
فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في وجهه وضمّه إلى صدره ،