والثاني : إنّ إخراجه في المستدرك دليل صحته عنده ، فلا يصح نفي الصحة عنه إلاّ بالتأويل المذكور.
فعلى كلّ حال فقدح الحاكم في الحديث لا يتم.
ثمّ هذا الذهبي ـ مع تعاديه وما يعزى إليه من النصب ـ ألّف في طرقه جزء. فعلى كلّ تقدير قول الحاكم لا يصح. لا بدّ من تأويله.
ولأنّه علّل عدم صحته بأمر قد ثبت من غير حديث الطير ، وهو أنّه : إذا كان أحبّ الخلق إلى الله سبحانه كان أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقد ثبت أنّه أحبّ الخلق إلى الله من غير حديث الطائر ، كما أخرجه أبو الخير القزويني من حديث ابن عباس : إنّ عليّا ـ رضياللهعنه ـ دخل على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقام إليه وعانقه وقبّل بين عينيه ، قال له العباس : أتحب هذا يا رسول الله؟ فقال : والله لله أشدّ حبّا له منّي. ذكره المحبّ الطبري رحمهالله.
قلت : وفي حديث خيبر الماضي ـ وقوله صلّى الله عليه وسلّم : سأعطي الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ـ ما يدلّ لذلك. فإنّه ليس المراد من وصفه بحبّ الله إيّاه أدنى مراتبها ولا أوسطها بل أعلاها ، لما علم ضرورة من أنّ الله يحبّ جماعة من الصحابة غير علي رضياللهعنه ، قد ثبت ذلك بالنص على أفراد منهم ، وثبت أنّ الله يحبّهم جملة ، لقوله تعالى : ( إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) وقد أخبر الله عنهم في عدّة آيات أنّهم اتّبعوا رسوله كقوله تعالى : ( لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ ) وغيرها من الآيات المثنية عليهم ، الدالة على اتّباعهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وقد علّق محبّته تعالى باتّباع رسوله ، فدلّ أنّهم محبوبون لله تعالى ، وأنّ رتبتهم في المحبّة متفاوتة.
فلمّا خصّ عليا يوم خيبر بتلك الصّفة من بينهم ، وقد علم أنّه قد شاركهم في محبّة الله لهم ، لأنه رأس المتّبعين لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، علم