أنّه أعلاهم محبة لله ، كأنّه صلّى الله عليه وسلّم قال : لاعطينّ الرّاية أحبّ الناس إلى الله ، ولهذا تطاول لها الصحابة ، وامتدّت إليها الأعناق ، وأحبّ كلّ وترجّى أن يخصّ بها.
وقد ثبت أنّ عليا أحبّ الخلق إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما أخرجه الترمذي ـ وقال حسن غريب ـ من حديث عائشة أنّها سئلت : أيّ الناس أحب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قالت : فاطمة. قيل فمن الرجال؟ قالت : زوجها ، إنّه كان ـ ما علمت ـ صوّاما قوّاما.
وأخرج المخلّص الذهبي والحافظ أبو القاسم الدمشقي من حديث عائشة ـ وقد ذكر عنها علي رضياللهعنه ـ قالت : ما رأيت رجلا أحبّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منه ، ولا امرأة أحبّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من امرأته.
وأخرج الخجندي عن معاذة الغفارية قالت : دخلت على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في بيت عائشة وعلي خارج من عنده ، فسمعته يقول : يا عائشة إنّ هذا أحبّ الرجال إليّ وأكرمهم عليّ ، فاعرفي له حقّه وأكرمي مثواه.
وأخرج الملاّ في سيرته عن معاوية بن ثعلبة قال : جاء رجل إلى أبي ذر ـ وهو في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : يا أبا ذر ، ألا تخبرني بأحبّ الناس إليك ، فإني أعرف أنّ أحبّ الناس إليك أحبّهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال : أي وربّ الكعبة ، أحبّهم إليّ أحبّهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو ذاك الشيخ ـ وأشار إلى علي رضياللهعنه ـ.
ذكر هذه الأحاديث المحبّ الطبري رحمهالله.
وإذا ثبت أنّه أحبّ الخلق إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فإنّه أحبّ الخلق إلى الله سبحانه. فإن رسول الله لا يكون الأحب إليه إلاّ الأحبّ إلى الله سبحانه. وإنّه قد ثبت أنّه أحبّ الخلق إلى الله من أدلّة غير حديث الطائر هذا.